تكون مزيتُها في اللفظِ حتى تكونَ أوصافاً له. وذلك مُحالٌ، من حيثُ يَعْلَمُ كلُّ عاقل أنه لا يُكنَّى باللفظ عن اللفظ، وأنه إنما يُكَنَّى بالمعنى عن المعنى. وكذلَك يَعْلَمُ أنه لا يُستعار اللفظُ مجرداً عن المعنى، ولكنْ يُستعار المعنى، ثُمّ اللفظُ يكون تِبْعَ المعنىـ على ما قدَّمْنا الشرحَ فيه١. ويَعلمُ كذلك أنه محالٌ أنْ يُضرَبَ "المثَلُ" باللفظ، وأنْ يكونَ قد ضُرِبَ لفظُ:"أراك تُقدِّم رِجْلاً وتؤخْر أخرى" مَثَلاً لتردُّده في أمر البَيْعة.
وإن قالوا: هي في المعنى.
قيل لهم: فهو ما أردْناكُم عليه، فدَعُوا الشكَّ عنكم، وانتبهوا من رقْدَتِكُمْ، فإِنه علْمٌ ضروريٍّ قد أدَّى التقسيمُ إليه، وكلُّ علْم كان كذلك، فإِنه يَجِبُ القَطْعُ على كلِّ سؤالٍ يُسْألُ فيه بأنه خطأ، وأن السائلُ ملّبوسٌ عليه.
كشف الغلط في فصاحة الكلام:
٥٢٣ - ثم إنَّ الذي يَعرف به وجْهَ دخولِ الغلطِ عليهم في قولِهم:"إنه لو كان الكلامُ يكونُ فصيحاً من أجْل مزيةٍ تكونُ في معناه، لوجَب أن يكونَ تفسيرُه فصيحاً مثْلَه"، هو أنك إذا نظرتَ إلى كلامهم هذا وجدْتَهم كأنَّهم قالوا:"إنه لو كانَ الكلامُ إذا كان فيه كنايةٌ أو استعارةٌ أو تمثيلٌ، كان لذلك فصيحاً، لوَجَب أن يكونَ إذا لمْ توجَدْ فيه هذه المعاني فصيحاً أيضاً". ذاك لأنَّ تفسيرَ "الكنايةِ" أن تتركها ونصرِّحَ بالمُكنَّى عنه فنقولَ: إنَّ المعنى في قولهم: "هو كثيرُ رمادِ القِدْر"، أنه كثيرُ القِرى وكذلك الحكْمُ في "الاستعارة"، فإِنَّ تفسيرها أن تتركها، ونصرِّحَ بالتشبيه فنقولَ في "رأيتُ أسداً": إنَّ المعنى: رأيتُ رجلاً يُساوي الأسدَ في الشجاعة وكذلك الأمر في "التمثيل"، لأن