للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"أما بعد: فإن الله نصرنا على فارس، بعد قتال طويل، وزلازل١ شداد، لم يرَ الراؤون مثلهما، فإنهم أتونا في عسكر، وعدد لم ير مثلها، فلم ينفعهم الله بذلك، بل سلبهم ذلك كله، ونفله المسلمون، واتبعهم المسلمون على الأنهار، وفجاج الطرق، يقتلونهم حيث كانوا، وأصيب من المسلمين سعد بن عبيد القارئ٢، وفلان وفلان، ورجال لا يعلمهم إلا الله، فإنه بهم عالم، كانوا يدوون٣ بالقرآن إذا جن عليهم الليل كدوي النحل، وهم أسود في النهار بل لا تشبههم الأسود، ولم يفضل من مضى منهم من بقي إلا بفضل الشهادة إذا لم تكتب لهم".

فيقال: "إن عمر قرأ هذه البشارة على الناس، ثم قال عمر للناس: "إني حريص على أن لا أرى حاجة إلا سددتها ما اتسع بعضنا لبعض، فإذا عجز ذلك عنا تأسينا في عيشنا حتى نستوي في الكفاف، ولوددت أنكم علمتم من نفسي مثل الذي وقع فيها لكم، ولست ملكتكم إلا بالعمل، إني والله لست بملك فأستعبدكم، ولكني عبد الله عرض عليّ الأمانة فإن أنا أديتها ورددتها عليكم / [٥٧ / أ] واتبعتكم حتى تشبعوا في بيوتكم وترووا٤ سعدت بكم، وإن حملتها واستتبعتكم إلى بيتي شقيت بكم، ففرحت قليلاً وحزنت طويلاً، فبقيتُ لا أقال ولا أرد فأستعتب"٥.


١ في ابن كثير: التاريخ: (وزلزل شديد) .
٢ ابن النعمان الأنصاري الأوسي، شهد بدراً، وقتل في القادسية شهيداً. (الإصابة٣/٨١) .
٣ الدوي: صوت ليس بالعالي كصوت النحل ونحوه. (لسان العرب ١٤/٢٨١) .
٤ في الأصل: (وتروو) .
٥ ابن كثير: التاريخ ٤/٤٥، ٤٦، ٤٧، وقد أورد الطبري بعضه بنحوه مفرقا. (التاريخ ٣/٥٤٢، ٥٤٨، ٥٥٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>