لاتزال الحاجة ماسة إلى تخليص مادة هذا العلم مما أصابها من تشويه وقلب للحقائق بسبب ما حوته أكثر كتب هذا الفن ذيوعاً وانتشاراً، ولذلك أود أن ألفت النظر إلى ضرورة إعادة صياغة هذا العلم وذلك لوجود عدة ثغرات هي بحاجة إلى معالجة ألخصها من خلال عدة وقفات على النحو التالي:
الوقفة الأولى: علم مقالات الفرق يُعنى كما هو معلوم بالمقالة وقائلها، ولكل جانب من هذين الجانبين أهميته؛ وارتباطه مع الجانب الأخر، ولكن مع ارتباط الجانبين في بعض النواحي إلا أن لكل واحد منهما جانب من الخصوصية والاستقلالية.
ومن المعلوم أن المقالة قد تشترك فيها أكثر من فرقة، والفرقة قد تكون لها أكثر من مقالة، وغالباً ماتندثر بعض الفرق ولكن مع ذلك تبقى أفكارها فتتلقفها فرق أخرى بمسميات جديدة، كما هو مشاهد في عصرنا الحاضر، فبعض أفكار المعتزلة والخوارج ومقالاتهم تنادي بها اليوم بعض الطوائف والجماعات المعاصرة التي قد لا ترتبط بتلك الفرق إلا من جهة تبنيها لبعض أفكارها، وبطبيعة الحال لا يمكن أن تنسب إلى تلك الفرق انتساباً مطلقاً لأنها قد لا تتفق معها في سائر أفكارها الأخرى، فلكي تُنسب جماعة أو طائفة إلى المعتزلة ـ على سبيل المثال ـ فلا بد أن تكون مقرة بالأصول الخمسة المعروفة عندهم وهي (التوحيد، والعدل، والمنزلة بين المنزلتين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والوعد والوعيد)