٢- باب الصفات: وهذا كذلك يجب الاعتماد فيه على الكتاب والسنة فقط.
٣- باب الإخبار: وهذا لا يشترط فيه النص الشرعي، ولكن يشترط أن يكون معنى اللفظ المستعمل ليس بسيء.
أما أهل التعطيل: فقد جعلوا "العقل" وحده هو أصل علمهم، فالشبه العقلية هي الأصول الكلية الأولية عندهم، وهي التي تثبت وتنفي، ثم يعرضون الكتاب والسنة على تلك الشبه العقلية، فإن وافقتها قبلت اعتضادا لا اعتمادا، وإن عارضتها ردت تلك النصوص الشرعية وطرحت، وفي هذا يقول قائلهم:"كل ما ورد السمع به ينظر فإن كان العقل مجوزا له وجب التصديق به ... وأما ما قضى العقل باستحالته فيجب فيه تأويل ما ورد السمع به، ولا يتصور أن يشمل السمع على قاطع مخالف للمعقول. وظواهر أحاديث التشبيه - يعني بها أحاديث الصفات- أكثرها غير صحيح والصحيم منها ليس بقاطع، بل هو قابل للتأويل"١.
فهذا النقل يبين لك مدى تقديم هؤلاء لشبههم العقلية وتعصبهم لها وكيف أنهم يجعلونها هي الأصول والسمع معروضا عليها، فما أجازته عقولهم قبلوه، وما لم تجزه عقولهم شككوا فيه وانتقصوه، ومن ثم سعوا في تأويله وتحريفه، ومن يلقي نظرة على كتب الأشاعرة مثلا يجد أن القوم يقسمون أبواب العقيدة إلى إلهيات- ونبوات- وسمعيات، وهم في باب
١ الاقتصاد في الاعتقاد لأبي حامد الغزالي ص ٣٢ ١- ٣٣ ١، وقال في كتابه "المستصفى" ٢/ ١٣٧- ١٣٨: "كل ما دل العقل فيه على أحد الجانبين فليس للتعارض فيه مجال، إذ الأدلة العقلية يستحيل نسخها وتكذيبها، فإن ورد دليل سمعي على خلاف العقل، فإما أن لا يكون متواترا فيعلم أنه غير صحيح، وإما أن يكون متواترا فيكون مؤولا ولا يكون متعارضا".