فنفى سبحانه المماثلة عن هذا المثل الأعلى وهو ما في قلوب أهل سمواته وأرضه من معرفته والإقرار بربوبيته وأسمائه وصفاته وذاته. فهذا المثل الأعلى هو الذي آمن به المؤمنون وأنس به العارفون وقامت شواهده في قلوبهم بالتعريفات الفطرية، المكملة بالكتب الإلهية، المقبولة بالبراهين العقلية. فاتفق على الشهادة بثبوته العقل والسمع والفطرة، فإذا قال المثبت:"يا الله" قام بقلبه ربا قيوما قائما بنفسه مستويا على عرشه مكلفا متكلفا، سامعا رائيا قديرا سديدا، فعالآ لما يشاء يسمع دعاء الداعين، ويقضي حوائج السائلين ويفرج عن المكروبين، ترضيه الطاعات وتغضبه المعاصي، تعرج الملائكة بالأمر إليه وتنزل بالأمر من عنده"١.
النقطة الثالثة: وهي عدم تشبيهها أو تمثيلها بما للمخلوق. فإن الله سبحانه ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله.
فأما التمثيل: فهو اعتقاد المثبت أن ما أثبته من صفات الله تعالى مماثل لصفات المخلوقين.