للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على مختارات له، وبذلك خرج عن طريقة القاضي وذويه في مواضع إلى طريقة المعتزلة.

وأما كلام أبي الحسن الأشعري فلم يكن يستمد منه، وإنما ينقل كلامه مما يحكيه عنه الناس١ وعلى طريقة الجويني اعتمد المتأخرون من الأشاعرة، كالغزالي (ت ٥٠٥هـ) وابن الخطب الرازي (ت ٦٠٦هـ) وخلطوا مع المادة الاعتزالية التي أدخلها الجويني مادة فلسفية، وبذلك ازدادت الأشعرية بعدا وانحرافا.

فالغزالي مادته الكلامية من كلام شيخه الجويني في "الإرشاد" و "الشامل" ونحوهما مضموما إلى ما تلقاه من القاضي أبي بكر الباقلاني. ومادته الفلسفية من كلام ابن سينا، ولهذا يقال أبو حامد أمرضه الشفا، ومن كلام أصحاب رسائل إخوان الصفا ورسائل أبي حيان التوحيدي ونحو ذلك. وأما الرازي فمادته الكلامية من كلام أبي المعالي والشهرستاني فإن الشهرستاني أخذه عن الأنصاري النيسابوري عن أبي المعالي، وله مادة اعتزالية قوية من كلام أبي الحسين البصري (ت ٤٣٦هـ) . وفي الفلسفة مادته من كلام ابن سينا والشهرستاني ونحوهما٢ والأشعرية الأغلب عليهم أنهم مرجئة في باب الأسماء والأحكام وجبرية في باب القدر، وأما الصفات فليسوا جهمية محضة بل فيهم نوع من التجهم، ولا يرون الخروج على الأئمة بالسيف موافقة لأهل الحديث وهم في الجملة أقرب المتكلمين إلى أهل السنة والحديث٣.


١بغية المرتاد (ص ٤٤٨، ٤٥١) ، بتصرف.
٢بغية المرتاد (ص ٤٤٨) ، بتصرف.
٣مجموع الفتاوى (٦/ ٥٥) .

<<  <   >  >>