للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الماتريدي المتوفى سنة (٣٣٣هـ) ١ كان معدودا في فقهاء الحنفية، وكان صاحب جدل وكلام ولم يكن له دراية بالسنن والآثار٢ (٢) ، وقد نهج منهجا كلاميا في تقرير العقيدة يشابه إلى حد كبير منهج متأخري الأشاعرة، وعداده في أهل الكلام من الصفاتية من أمثال ابن كلاب وأبي الحسن الأشعري وأمثالهما. وقد تابع الماتريدي ابن كلاب في مسائل متعددة من مسائل الصفات وما يتعلق بها٣.

ومن المعلوم أن الأحناف وأهل المشرق عموما كانوا من أسبق الناس تأثرا بعلم الكلام، فقد كانت بداية الجهم من تلك الجهات، وفي هذا يقول الإمام أحمد في معرض كلامه عن الجهم: "وتبعه على قوله رجال من أصحاب أبي حنيفة وأصحاب عمرو بن عبيد بالبصرة"٤

فبشر بن غياث المريسي (٢٢٨هـ) والقاضي أحمد بن أبي دؤاد (٢٤٥هـ) وغيرهما كانوا من الأحناف، فلا غرابة أن يكون الماتريدي الحنفي من أولئك الذين ناصروا علم الكلام وسعوا في تأسيسه وتقعيده، إلى أن أصبح علما من أعلامه وصاحب إحدى مدارس الكلام التي صارت فيما بعد تعرف باسمه. فالماتريدي لا يبعد كثيرا عن أبي الحسن الأشعري (في طوره الثاني) فهو خصم لدود للمعتزلة، إلا أنه كان متأثرا بالمنهج الكلامي على طريقة ابن


١ انظر ترجمته في كتاب الماتريدية وموقفهم من توحيد الأسماء والصفات (١/ ٢٠٩) للدكتور شمس الدنى الأفغاني.
٢ العقيدة السلفية في كلام رب البرية (ص ٢٧٩) تأليف: عبد الله بن يوسف
٣ مجموع الفتاوى (٧/ ٤٣٣) ، كتاب الإيمان (ص ٤ ١ ٤) ، منهاج السنة (٢/ ٣٦٢) .
٤ الرد على الجهمية (ص ١٠٣- ١٠٥) .

<<  <   >  >>