للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والحوادث" فالمعتزلة لا يريدون (بالأعراض) الأمراض والآفات فقط، بل يريدون بذلك الصفات. ولا يريدون (بالحوادث) ، المخلوقات، ولا الأحداث المحيلة للمحل ونحو ذلك- مما يريده الناس بلفظ الحوادث- بل يريدون نفي ما يتعلق بمشيئته وقدرته من الأفعال وغيرها فلا يجيزون أن يقوم به خلق) ولا استواء، ولا إتيان، ولا مجيء، ولا تكليم، ولا مناداة، ولا مناجاة، ولا غير ذلك مما وصف بأنه مريد له قادر عليه. ولكن ابن كلاب ومن وافقه خالفوا المعتزلة في قولهم: (لا تقوم به الأعراض" وقالوا: "تقوم به الصفات ولكن لا تسمى أعراضا". ووافقوا المعتزلة على ما أرادوا بقولهم: لا تقوم به الحوادث من أنه لا يقوم به أمر من الأمور المتعلقة بمشيئته١

ففرقوا بين الأعراض- أي الصفات- والحوادث- أي الأمور المتعلقة بالمشيئة٢


١ مجموع الفتاوى (٦/٥٢٥، ٥٢١)
٢ مجموع الفتاوى (٦/ ٥٢٥) .
وتتميما للفائدة فإن الخلاف في هذه المسألة على أربعة أقوال:
قول المعتزلة ومن وافقهم: أن الله لا يقوم به صفة ولا أمر يتعلق بمشيئته واختياره وهو قولهم: (لا تحله الأعراض ولا الحوادث) . قول الكلابية ومن وافقهم: التفريق بين الصفات والأفعال الاختيارية فأثبتوا الصفات، ومنعوا أن يقوم به أمر يتعلق بمشيئته وقدرته لا فعل ولا غير فعل. قول الكرامية ومن وافقهم: يثبتون الصفات ويثبتون أن الله تقوم به الأمر التي تتعلق بمشيئته وقدرته، ولكن ذلك حادث بعد أن لم يكن، وأنه يصير موصوفا بما يحدث بقدرته ومشيئته بعد أن لم يكن كذلك، وقالوا لا يجوز أن تتعاقب عليه الحوادث، ففرقوا في الحوادث بين تجددها ولزومها فقالوا بنفي لزومها دون حدوثها.
قول أهل السنة والجماعة: أثبتوا الصفات والأفعال الاختيارية وأن الله متصف بذلك أزلا، وأن الصفات الناشئة عن الأفعال موصوف بها في القدم، وإن كانت المفعولات محدثة. وهذا هو الصحيح. مجموع الفتاوى (٦/ ٥٢٠، ٥٢٥، ١٤٩) .

<<  <   >  >>