للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كان يكتب لها مصحفًا فقالت له: إذا انتهيت إلى: ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى﴾ (١)، فآذنّي، فآذنتها فقالت: اكتب ﴿والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين﴾ ".

استدلّ بالحديث من قال: إن الصلاة الوسطى غير صلاة العصر؛ لأن العطف يقتضي المغايرة، وهو راجع إلى الخلاف الثابت في الأصول في القراءة الشاذّة هل تنزل منزلة أخبار الآحاد، فتكون حجّة كما ذهبت إليه الحنفية وغيرهم؟ أم لا تكون حجة؟ لأن ناقلها لم ينقلها إلا على أنها قرآن، والقرآن لا يثبت إلا بالتواتر كما ذهبت إلى ذلك الشافعية، والراجح الأول.

وقد غلط من استدلّ من الشافعية بحديث عائشة وحفصة على أن الصلاة الوسطى ليست صلاة العصر، لما عرفت من أن مذهبهم في الأصول يأبى هذا الاستدلال، وأجيب عن الاستدلال بهذا الحديث من طرف القائلين بأنها العصر بوجهين:

(الأول): أن تكون الواو زائدة في ذلك على حدّ زيادتها في قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ﴾ (٢).

وقوله: ﴿وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ﴾ (٣).

وقوله: ﴿وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ (٤).

وقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ (٥).

حكي عن الخليل (٦) أنّه قال: يصدّون، والواو مقحمة زائدة.


= وعمرو بن رافع روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في الثقات (٥/ ١٧٦ و ١٧٨)، وأورده البخاري في "التاريخ الكبير" (٦/ ٣٣٠) في ترجمة عمرو بن رافع، فقال: قال بعضهم: عمر بن رافع ولا يصح، وقال بعضهم: عمرو بن نافع، وباقي رجاله ثقات، وابن إسحاق قد صرّح بالتحديث فانتفت شبهة تدليسه.
وخلاصة القول: أن الحديث حسن، والله أعلم.
(١) سورة البقرة، الآية (٢٣٨).
(٢) سورة الأنعام، الآية ٧٥.
(٣) سورة الأنعام، الآية ١٠٥.
(٤) سورة الأحزاب، الآية ٤٠.
(٥) سورة الحج، الآية ٢٥.
(٦) الخليل بن أحمد الفراهيدي البصري، أبو عبد الرحمن. صاحب العربية والعروض، عمل =

<<  <  ج: ص:  >  >>