للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال (١): والمراد بعدم صحَّة وصيَّة الوارث عدم اللزوم؛ لأن الأكثر على أنها موقوفةٌ على إجازة الورثة.

وقيل: إنَّها لا تصحُّ الوصية لوارثٍ أصلًا وهو الظاهر؛ لأنَّ النفي إما أن يتوجَّه إلى الذَّات.

والمراد لا وصية شرعية، وإما إلى ما هو أقرب إلى الذات، وهو: الصحَّة، ولا يصحُّ أن يتوجَّه هاهنا إلى الكمال الذي هو أبعد المجازين.

وحديث ابن عباس (٢) المذكور، وإن دل على صحة الوصية لبعض الورثة مع رضا البعض الآخر، فهو لا يدل على أن النفي غير متوجه إلى الصحة بل هو متوجه إليها، وإذا رضي الوارث كانت صحيحة كما هو شأن بناء العام على الخاص، وهكذا حديث عمرو بن شعيب (٣).

وحكى صاحب البحر (٤) عن الهادي والناصر وأبي طالب وأبي العباس أنها تجوز الوصية للوارث.

واستدلوا بقوله تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ﴾ (٥)، قالوا: ونسخ الوجوب لا يستلزم نسخ الجواز.

وأجاب الجمهور عن ذلك بأن الجواز أيضًا منسوخ، كما صرح بذلك حديث ابن عباس (٢) المذكور في الباب.

وقد اختلف في تعيين ناسخ آية الوصية للوالدين والأقربين.

فقيل: آية الفرائض.

وقيل: الأحاديث المذكورة في الباب.

وقيل: دل الإجماع على ذلك وإن لم يتعين دليله، هكذا في الفتح (٦).

وقد قيل: إن الآية مخصوصة؛ لأن الأقربين أعم من أن يكونوا وارثين أم لا؟ فكانت الوصية واجبة لجميعهم، وخص منها الوارث بآية الفرائض وبأحاديث


(١) أي: الحافظ في "الفتح" (٥/ ٣٧٢).
(٢) تقدم برقم (٢٥٢٨) من كتابنا هذا.
(٣) تقدم برقم (٢٥٢٩) من كتابنا هذا.
(٤) البحر الزخار (٥/ ٣٠٨).
(٥) سورة البقرة، الآية: (١٨٠).
(٦) (٥/ ٣٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>