للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(بن حارثة) وهو أخو زيد بن حارثة مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

٣٦٧ - " إذا أدخل الله الموحدين النار أماتهم فيها إماتة، فإذا أراد أن يخرجهم منها أمسهم ألم العذاب تلك الساعة (فر) عن أبي هريرة (ض) ".

(إذا أدخل الله الموحدين) الذين وحدوا الله ولم يجعلوا له شريكًا وهم المؤمنون قد صار هذا اللفظ علمًا لهم (النار) بالكبائر التي ماتوا على غير توبة عنها (أماتهم فيها) سلب أرواحهم فلا يدركون ألم العذاب فلا يقال قد ثبت عذاب القبر للموتى لأنا نقول يبقي الله لهم إدراكًا في القبور ويرد عليهم أرواحهم.

فإن قلت: قوله تعالى: {لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا} [فاطر: ٣٦] وقوله: {لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى} [الأعلى: ١٣] ينافي هذا.

قلت: الحديث يقضي بأن تلك في الكفار ويدل له قوله قبلها: {لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى (١٥) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (١٦)} [الليل: ١٥، ١٦] وما بعد الأخرى: {لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا} [فاطر: ٣٦] وهذا الحديث في الموحدين وظاهره أنه عام لهم أجمعين إلا أنه قد ثبت عند ابن ماجه من حديث أبي هريرة: "تأكل النار من ابن آدم إلا أثر السجود" (١) فحرم الله على النار أن تأكل أثر السجود إلا أن يقال قد تأكلهم النار وهم نيام لا يحسون فإنه إنما نفى في هذا إدراك العذاب عنهم ولكنه قد أخرج الحكيم في نوادر الأصول (٢) من حديث أبي هريرة عنه - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أراد الله إخراج الموحدين من النار قذف في قلوب أهل الأديان فقالوا: كنا نحن وأنتم في الدنيا جميعًا فآمنتم وكفرنا وصدقتم وكذّبنا وأقررتم وجحدنا فما أغنى ذلك عنكم نحن فيها جميعًا سواء تعذبون كما نعذب وتجلدون كما نجلد فيغضب الله من ذلك غضبًا لم يغضب في شيء مما مضى


(١) أخرجه ابن ماجه (٤٣٢٦). وذكره الألباني في صحيح ابن ماجه (٣٤٩٢). والحديث أخرجه البخاري (٧٤٣٧ و ٧٤٣٨) ومسلم (١٨٢، ٢٩٩).
(٢) نوادر الأصول (ص ٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>