للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ (١٢١) ، فَقَالَ فِرْعَوْنُ: إياي تعنون؟ قالوا: رَبِّ مُوسى وَهارُونَ (١٢٢) ، قَالَ مُقَاتِلٌ: قَالَ مُوسَى لِكَبِيرِ السَّحَرَةِ: تُؤْمِنُ بِي إِنْ غَلَبْتُكَ؟ فَقَالَ: لَآتِيَنَّ بِسِحْرٍ لَا يَغْلِبُهُ سِحْرٌ، وَلَئِنْ غلبتني لأؤمنن بِكَ، وَفِرْعَوْنُ يَنْظُرُ.

قالَ لَهُمْ فِرْعَوْنُ حِينَ آمَنُوا: آمَنْتُمْ بِهِ، قَرَأَ حَفْصٌ آمَنْتُمْ عَلَى الْخَبَرِ هَاهُنَا وَفِي طَهَ [٧١] وَالشُّعَرَاءِ [٤٩] ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالِاسْتِفْهَامِ أَآمَنْتُمْ بِهِ، قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ، أَصَدَّقْتُمْ مُوسَى مِنْ غَيْرِ أَمْرِي إِيَّاكُمْ، إِنَّ هذا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ، أي: صنع صَنَعْتُمُوهُ أَنْتُمْ وَمُوسَى: فِي الْمَدِينَةِ فِي مِصْرَ قَبْلَ خُرُوجِكُمْ إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ لِتَسْتَوْلُوا عَلَى مِصْرَ، لِتُخْرِجُوا مِنْها أَهْلَها فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ، مَا أَفْعَلُ بِكُمْ.

لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ، وَهُوَ أَنْ يَقْطَعَ مِنْ كُلِّ شِقٍّ طَرَفًا. قَالَ الْكَلْبِيُّ: لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمُ الْيُمْنَى وَأَرْجُلَكُمُ الْيُسْرَى، ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ، على شاطىء نهر مصر.

قالُوا، يَعْنِي السَّحَرَةَ لِفِرْعَوْنَ: إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ، رَاجِعُونَ فِي الآخرة.

[[سورة الأعراف (٧) : الآيات ١٢٦ الى ١٢٨]]

وَما تَنْقِمُ مِنَّا إِلَاّ أَنْ آمَنَّا بِآياتِ رَبِّنا لَمَّا جاءَتْنا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَتَوَفَّنا مُسْلِمِينَ (١٢٦) وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قالَ سَنُقَتِّلُ أَبْناءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قاهِرُونَ (١٢٧) قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (١٢٨)

وَما تَنْقِمُ مِنَّا، أَيْ: مَا تَكْرَهُ مِنَّا. وَقَالَ الضَّحَّاكُ وَغَيْرُهُ: وَمَا تَطْعَنُ عَلَيْنَا. وَقَالَ عَطَاءٌ: مَا لَنَا عِنْدَكَ مِنْ ذَنْبٍ تُعَذِّبُنَا عَلَيْهِ، إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآياتِ رَبِّنا لَمَّا جاءَتْنا، ثُمَّ فَزِعُوا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالُوا:

رَبَّنا أَفْرِغْ اصْبُبْ [١] عَلَيْنا صَبْراً وَتَوَفَّنا مُسْلِمِينَ، ذَكَرَ الْكَلْبِيُّ: أَنَّ فِرْعَوْنَ قَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَصَلَبَهُمْ، وَذَكَرَ غَيْرُهُ: أَنَّهُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ [الْقَصَصُ: ٣٥] .

وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ لَهُ: أَتَذَرُ مُوسى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ، وَأَرَادُوا بِالْإِفْسَادِ فِي الْأَرْضِ دُعَاءَهُمُ النَّاسَ إِلَى مُخَالَفَةِ فِرْعَوْنَ فِي عِبَادَتِهِ، وَيَذَرَكَ، أَيْ: وَلِيَذَرَكَ، وَآلِهَتَكَ، فُلَا يَعْبُدُكَ وَلَا يَعْبُدُهَا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ لِفِرْعَوْنَ بَقَرَةٌ يَعْبُدُهَا، وَكَانَ إِذَا رَأَى بَقَرَةً حَسْنَاءَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَعْبُدُوهَا، فَلِذَلِكَ أَخْرَجَ السَّامِرِيُّ لَهُمْ عِجْلًا. وَقَالَ الْحَسَنُ: كَانَ قَدْ عَلَّقَ عَلَى عُنُقِهِ صَلِيبًا يَعْبُدُهُ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: كَانَ فِرْعَوْنُ قَدِ اتَّخَذَ لِقَوْمِهِ أَصْنَامًا وَأَمَرَهَمْ بِعِبَادَتِهَا، وَقَالَ لِقَوْمِهِ: هَذِهِ آلِهَتُكُمْ وَأَنَا [٢] رَبُّهَا وَرَبُّكُمْ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى [النَّازِعَاتُ: ٢٤] ، وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عباس والشعبي والضحاك: (ويذرك وإلهتك) بِكَسْرِ الْأَلِفِ، أَيْ: عِبَادَتَكَ فَلَا يَعْبُدُكَ، لِأَنَّ فِرْعَوْنَ كَانَ يُعْبَدُ وَلَا يَعْبُدُ.

وَقِيلَ: أَرَادَ بِالْآلِهَةِ الشَّمْسَ، وَكَانُوا يَعْبُدُونَهَا. قَالَ الشَّاعِرُ:

تروحنا من الكعباء قصرا ... فأعجلنا الإلاهة أن تؤوبا

قالَ فِرْعَوْنُ: سَنُقَتِّلُ أَبْناءَهُمْ، قَرَأَ أَهْلُ الْحِجَازِ: سَنُقَتِّلُ بِالتَّخْفِيفِ مِنَ القتل، وقرأ


(١) في المطبوع «أصيب» وفي ط «أصيب» وسقط من المخطوط.
(٢) في المطبوع «أراد بها أنه» بدل «أنا» .

<<  <  ج: ص:  >  >>