للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بَدْرٍ وَأُحُدٍ وَالأَحْزَابِ، وَكَبَّرُوا وَحَمَلُوا مَعَهُ حَمْلَةً عَجِيبَةً عَلَى مُسَيْلِمَةَ وَأَصْحَابِهِ فَكَشَفُوهُمْ كَشْفَةً فَاضِحَةً، وَقَتَلُوا مِنْهُمْ جَمَاعَةً ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى مَوْقِفِهِمْ.

فَتَقَدَّمَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شِمَاسٍ الأَنْصَارِيُّ [١] خَطِيبُ الأَنْصَارِ وَشَيْخُهُمْ، وَفِي يَدِهِ رَايَةٌ صَفْرَاءُ، فَجَعَلَ يَرْتَجِزُ وَيَقُولُ:

(مِنْ مَشْطُورِ الرَّجَزِ)

١- آمَنْتُ باللَّه الْعَلِيِّ الأَمْجَدِ ... ٢- هَادٍ إِلَى سُبْلِ الْهُدَى وَمُهْتَدِ [٢]

٣- قَدْ كَانَتِ [٣] الأَنْصَارُ فِي الْيَوْمِ الْبَدِي [٤] ... ٤- آسَادُ غَيْلٍ لا ضِبَاعُ فَدْفَدِ

٥- فَأَصْبَحُوا مِثْلَ النَّعَامِ الشُّرَّدِ ... ٦- وَالْمَوْتُ لا شَكَّ بِهِمْ رَهْنُ يَدِي

قَالَ: ثُمَّ حَمَلَ عَلَى الْقَوْمِ، فَلَمْ يزل يقاتل حتى قتل رحمة الله عليه.

قَالَ: فَحَمَلَ ابْنُ عَمٍّ لَهُ يُقَالُ لَهُ بَشِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ [٥] مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ النَّجَّارِ، حَتَّى وَقَفَ بَيْنَ الْجَمْعَيْنِ وَأَنْشَأَ يَقُولُ:

(مِنَ الْبَسِيطِ)

١- بِأَبِي يَا بِنْتَ نُعْمَانَ بْنِ خِرَاسِ ... طَالَ الْبَلاءُ عَلَى النَّاسِ مِنَ النَّاسِ

٢- أَبْقَى لَنَا ثَابِتٌ وَالدَّهْرُ ذُو عَجَبٍ ... حزنا طويلا وجرحا ما له آس


[١] مرت ترجمة ثابت بن قيس.
[٢] في الأصل: (هادي ... ومهتدى) ، وسكنت باء (سبل) لضرورة الوزن.
[٣] في الأصل: (فكانت) ولا يستقيم بها الوزن.
[٤] اليوم البدي: اليوم العجب، ومنه قول الشاعر: (اللسان: بدا) .
عجبت جارتي لشيب علاني ... عمرك الله هل رأيت بديّا
[٥] بشير بن عبد الله بن الحارث بن النجار، قيل: استشهد باليمامة سنة ١٢ هـ-.
(الإصابة ١/ ٣١٢، الاستيعاب ١/ ١٧٥) .

<<  <   >  >>