للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الصَّدَقَةِ أَنْ تُؤْخَذَ مِنْهُ، فَخَرَجَ مِنْ لَيْلَتِهِ يُرِيدُ الْمَسِيرَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا صَارَ عَلَى مَسِيرَةِ يَوْمَيْنِ مِنَ الْقَوْمِ [كَتَبَ] إِلَى حَارِثَةَ بْنِ سُرَاقَةَ بِهَذِهِ الأَبْيَاتِ [١] :

(مِنَ الطَّوِيلِ)

١- نُقَاتِلُكُمْ فِي اللَّهِ وَاللَّهُ غَالِبٌ ... عَلَى أَمْرِهِ حَتَّى تُطِيعُوا أَبَا بَكْرِ

٢- وَحَتَّى تَقُولُوا بَعْدَ خِزْيٍ وَذِلَّةٍ ... رَضِينَا بِإِعْطَاءِ الزَّكَاةِ عَلَى الْقَسْرِ

٣- وَحَتَّى تَقُولُوا بَعْدَ كُفْرٍ وَرِدَّةٍ ... بِأَنَّا أُنَاسٌ لا نَعُودُ إِلَى الْكُفْرِ

٤- وَلَيْسَ لَنَا وَاللَّهِ بُدٌّ مِنَ اخْذِهَا ... فَدُونَكُمُوهَا مِثْلَ رَاغِيَةِ الْبَكْرِ [٢]

٥- فَإِنْ تَصْبِرُوا لِلضَّرْبِ وَالطَّعْنِ بِالْقَنَا ... فَإِنَّا أُنَاسٌ مُجْمِعُونَ عَلَى الصَّبْرِ

قَالَ: فَلَمَّا وَرَدَتْ أَبْيَاتُ زِيَادِ بْنِ لَبِيدٍ هَذِهِ غَضِبَتْ أَحْيَاءُ كِنْدَةَ لِذَلِكَ غَضَبًا شَدِيدًا، ثُمَّ وَثَبَ الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ فَقَالَ: خَبِّرُونِي عَنْكُمْ يَا مَعْشَرَ كِنْدَةَ إِنْ كُنْتُمْ قَدْ أَزْمَعْتُمْ [٣] عَلَى مَنْعِ الزَّكَاةِ وَحَرْبِ أَبِي بَكْرٍ، فَهَلا قَتَلْتُمْ زِيَادَ بْنَ لَبِيدٍ، فَكَانَ يَكُونُ الأَمْرُ فِي ذَلِكَ وَاحِدًا كَائِنًا مَا كَانَ، وَلَكِنَّكُمْ أَمْسَكْتُمْ عَنْهُ حَتَّى أَخَذَ زَكَاةَ أَمْوَالِكُمْ ثُمَّ رَحَلَ عَنْكُمْ إِلَى صَاحِبِهِ، وَكَتَبَ إِلَيْكُمْ وَيُهَدِّدُكُمْ بِهَذِهِ الأَبْيَاتِ. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَمِّهِ: صَدَقْتَ وَاللَّهِ يَا أَشْعَثَ، مَا كَانَ الرَّأْيُ إِلا قَتْلُ زِيَادِ بْنِ لَبِيدٍ وَارْتِجَاعُ مَا دُفِعَ إِلَيْهِ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ، وَاللَّهِ مَا نَحْنُ إِلا عَبِيدٌ لِقُرَيْشٍ، مَرَّةً يُوَجِّهُونَ إِلَيْنَا بِالْمُهَاجِرِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ [٤] فَيَأْخُذُونَ مِنْ أَمْوَالِنَا مَا يُرِيدُونَ، ومرة يولون علينا


[١] جاء البيت الأول فقط في كتاب الفتوح- ابن أعثم ١/ ٥٩.
[٢] (كانت عليهم كراغية البكر) هذا مثل يضرب في التشاؤم بالشيء، ويعني بالبكر بكر ثمود حين رماه صاحبهم فرغا عند الرمية، فأنزل الله بهم سخطه عند قتل الناقة وبكرها.
(كتاب الأمثال- القاسم بن سلام ص ٣٣٢) .
[٣] في الأصل: (أزعمتم) .
[٤] في الأصل: (المهاجر بن أمية) والصواب: ابن أبي أمية.
المهاجر بن أبي أمية: سهل (أو حذيفة) بن المغيرة المخزومي القرشي، صحابي من القادة الفرسان، شهد بدرا مع المشركين، وقتل يومئذ أخواه هشام ومسعود كافرين، وأسلم

<<  <   >  >>