للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لهم من دونكم، فسلّموه إليهم، فو الله مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ حَتَّى صَلَّى بِنَا أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَعَلِمْنَا أَنَّهُ قَدْ رَضِيَهُ لَنَا، لأَنَّ الصَّلاةَ عِمَادُ الدِّينِ، قَالَ:

فَبَيْنَمَا الأَنْصَارُ كَذَلِكَ فِي الْمُحَاوَرَةِ، إِذْ أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ [١] ، وَتَبِعَهُمْ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَإِذَا بِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ قَدْ زُمِّلَ بِالثِّيَابِ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ مِنْ عِلَّةٍ كَانَ يَجِدُهَا فِي بَدَنِهِ، وَإِذَا بِقَوْمٍ مِنَ الأَنْصَارِ قَدْ أَحْدَقُوا بِهِ مَا يُرِيدُونَ بِهِ بَدَلا.

قَالَ: فَقَعَدَ الْمُهَاجِرُونَ وَسَكَتُوا سَاعَةً لا يَتَكَلَّمُونَ بِشَيْءٍ، فَتَكَلَّمَ [ثَابِتُ بْنُ] [٢] قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ الأَنْصَارِيُّ [٣] ، وَكَانَ خَطِيبَ الأَنْصَارِ، لَمْ يَزَلْ فِي عَصْرِ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ، لَقَدْ عَلِمْتُمْ وَعَلِمْنَا أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بَعَثَ نَبِيَّهُ محمدا صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، وَكَانَ فِي بَدْءِ أَمْرِهِ مُقِيمًا بِمَكَّةَ عَلَى الأَذَى وَالتَّكْذِيبِ، لا يَأْمُرُهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلا بِالْكَفِّ وَالصَّفْحِ الْجَمِيلِ، ثُمَّ أَمَرَهُ بعد ذلك


[١] أبو عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح الفهري القرشي الأمير القائد الفاتح للديار الشامية، أحد العشرة المبشرين بالجنة، كان لقبه أمين الأمة، ولد بمكة وهو من السابقين إلى الإسلام وشهد المشاهد كلها، ولّاه عمر بن الخطاب قيادة الجيش الزاحف إلى الشام بعد خالد بن الوليد فتمّ له الفتح، توفي بطاعون عمواس ودفن في غور بيسان سنة ١٨ هـ.
(الإصابة ٣/ ٥٨٦- ٥٩٠، حلية الأولياء ١/ ١٠٠، البدء والتاريخ ٥/ ٨٧، ابن عساكر ٧/ ١٥٧، صفة الصفوة ١/ ١٤٢، الأعلام ٣/ ٢٥٢) .
[٢] في الأصل: (قيس بن شماس) والصواب ابنه ثابت بن قيس، لأن قيس بن شماس مات في الجاهلية. انظر فيه الإصابة ٦/ ٥٦١- ٥٦٢، وسيرد الاسم صحيحا بعد.
[٣] ثابت بن قيس بن شماس الخزرجي الأنصاري، صحابي كان خطيب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، شهد أحدا وما بعدها من المشاهد، وفي الحديث: (نعم الرجل ثابت) ، ودخل عليه النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وهو عليل، فقال: (أذهب الباس رب الناس عن ثابت بن قيس بن شماس) ، وخطب ثابت بن قيس مقدم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم المدينة فقال: نمنعك مما نمنع منه أنفسنا وأولادنا، فما لنا، قال: الجنة، قالوا: رضينا.
قتل ثابت بن قيس يوم اليمامة شهيدا في خلافة أبي بكر سنة ١٢ هـ.
(الإصابة ١/ ٣٩٥- ٣٩٦، صفة الصفوة ١/ ٢٥٧، تهذيب التهذيب ٢/ ١٢- ١٣، الأعلام ٢/ ٩٨) .

<<  <   >  >>