للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

يجمع الدلائلَ على كونهِ مجزياً.

إنَّ الأمرَ المطلقَ اقتضى إيجابَ الفعلِ بالأمرِ، وإذا ثبتَ أنَه إنَما لزمَه الفعلُ المأمورُ به بالأمرِ، وأنه لم يشغل ذمّته بعْد فراغِها سوى الأمرِ بالمأمور به خاصّة، فإذا أتى بالمأمور به على حسب ما تناوله الأمرُ، عادت الذمّةُ فارغةً على حكمِ الأصلِ، وعادَ كما كانَ قبل الأمرِ، ولم يبقَ عليه شيء من قِبلِ الأمرِ، وهذا معنى الإِجزاء.

ومن ذلكَ: أنَّه لو نهاه عن فعل شيءٍ فتركه ولم يتعرض له، خرجَ بذلك من عهدةِ النهي، سيما إذا كانَ في وقتٍ معين.

ومن ذلك: أنَّ الإجزاءَ ليس بأكثرَ من الخروجِ عن عُهدةِ الأمرِ، وليس الخروجُ من عهدةِ الأمر إلا الائتمارَ بمقتضى الأمرِ، ولو لم يقتضِ الِإجزاءَ لكانَ أفضى إلى قولٍ فاسدٍ، ومعتقدٍ باطل؛ وهو أنْ يقتضي بزياد؛ على ما اقتضاه الأمرُ، فيقعَ الاقتضاءُ بما ليس فيه، والاقتضاءُ بما ليس فيه اقتضاءٌ بما لم ترجع عليه دلالة، وذلكَ لا يعلمهُ المكلَّفُ، وتكليفُ ما يجهله المكلفُ تكليفُ ما لا يطيقه، وذلك ينفى عن الله نطقاً، قال سبحانه: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا} [الطلاق: ٧].

ومن ذلك: أنَ عدمَ الإجزاء هو العَنَتُ الذى نفاه الله عن نفسه، فقال سبحانه: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ} [البقرة: ٢٢٠]، {عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ} [التوبة: ١٢٨]،وهذا يعطي أنَّ العَنَتَ محزيز عليه، وأنَه ما أعنتَ، ومن أثبتَ الائتمارَ لأمرِه ومتابعتَه غير مجزىءٍ، فقد أضافَ إليه

<<  <  ج: ص:  >  >>