للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصلٌ

في جمع شبهِ من قال: إنّه ليسَ بنهيٍ من طريق المعنى، دونَ من قال: إنه نهيٌ من جهةِ اللفظ والقولِ.

فمنها: أنَّ الأمرَ استدعاءُ الفعلِ بقوله: افعل، والنهي استدعاءُ الكف والترك بقوله: لا تفعل، فلا يجوزُ أن يجتمعا، وهما ضدان لصيغةٍ واحدةٍ، كما لا يجتمعُ الضدان في محلٍ واحدٍ، ولا يجتمعُ لجوهر الواحدِ حركةٌ وسكون في حالةٍ، كذلك لا يجتمعُ للصيغةِ الواحدة، استدعاءُ الفعلِ، واستدعاءُ التركِ.

ومن ذلك: أنه لو كانَ الأمرُ بالشيءِ نهياً عن ضدّه، لكانَ الأمرُ بالنوافل نهياً عن تركها.

وللنهي حالتان:

نهيُ حظرٍ.

ونهيُ تنزيهٍ وكراهة.

ولو كانت النافلةُ منهياً عن تركهِا حيث كانت مأموراً بها ندباً، لكانَ النهيُ عنها إن كان حظراً عادَ بوجوبها، لأنَّ المحظورَ تركُه ليس إلا الواجبَ فعله، وفي إجماعنا على نفي وجوب النوافل إبطال لدعوى النهي عن تركها على وجه الحظر.

وإن كانَ الأمرُ بها نهياً عن تركهِا تنزيهاً وكراهةً، فقد أجمعَ الناس على أن فعلها مستحب وتركَها غيرُ مكروهٍ، كما كانَ غيرَ محظورٍ، فبطَل قَولكم: إنَ الأمرَ بالشيء نهى عن ضده.

ومن ذلكَ قولهم: لو كانَ الأمرُ والنهيُ يتضادان، لتضادَّ العلم،

<<  <  ج: ص:  >  >>