للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرقَ بينهما؛ لأنها ملحقةٌ بها وقاضيةٌ عليها، ولو كانت كالجملةِ الأخرى لكانت نسخاً، ولمّا لم يكن نسخاً، ثبت أنَها كالاستثناءِ من حيثُ إنها أبانت عن المرادِ بالصيغة الأولى (١).

فصل

في شُبَههم

فمنها: أن الصيغة موضوعةٌ للاستغراقِ والشمولِ لجميعِ الجنسِ، فإذا جاءت دلالةُ التخصيص صارت مصروفةً عمّا وُضعت [له] (٢)، وإذا ثبَتَ بهذهِ الجملةِ أنه معدول به عما وُضِعَ له، صارَ مجازاً، وصار بمثابةِ اسم الأسدِ إذا استعملَ في الرجلِ المقدام على الحربِ، والحمارِ إذا استعملَ في الرجلِ البليدِ، فإنَه يكون مجازاً، كذلك ها هُنا، ولو كان ما صرفته الأدلةُ المنفصلةُ عن موضوعِه ومقتضى إطلاقِه بعد صرفِه حقيقةً فيما صُرفَ إليه للدلالة أو القرينة، لصار كل مجازٍ حقيقة فيما اقتضته القرينة، ولسقط المجازُ من كلامِ العرب جملة، ولصار القولُ في الإنسانِ البليدِ والرجلِ الشديدِ: إنه ثورٌ وحمار وأسد حقيقةً مع القرائنِ الدالةِ، مع أنَ القصدَ به غيرُ ما وُضع له في الأصلِ.

ولما بَطلَ ذلكَ وثبتَ المجازُ من الكلامِ، بَطلَ ما ادعوه.

فيقالُ: هذا باطل بما إذا قيَّده بالشرطِ أو الغاية، أو خصَّه بالاستثناءِ على قولِ من سلم ذلكَ، فمنَه موضوع للجنسِ، وقد استُعملَ مع الاستثناءِ في غيرِ ما وضع له، ثم لم يصر مجازاً.

على أنَه لما صُرِفَ بقي على جملةٍ صالحةٍ، كونها عموماً، فهي كالعددِ الذي إذا


(١) انظر "العدة" ٢/ ٥٤٢ - ٥٤٣.
(٢) زيادة يقتضيها السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>