للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قولهم: الاجتهاد فرض من فروض الكفايات، كالجهاد ثم يجوز في الجهاد أن يتكل البعض على البعض، إذا حصلت الكفاية، فكذلك في الاجتهاد.

قلنا: لانسلِّم أنَّ مع الاختلاف ١) كفاية، وإنّما الكفايةُ مع الاتفاقِ، فوزانُه من الجهاد أن يضعف القيِّمُ منهم بأمرِ الحرب، فلا يجوزُ للباقين الاتكالُ عليه، بل يلزمُهم مساعدتُه وتقويته على الجهاد.

فصل

وأمَّا شبهاتُ أصحابِ أبي حنيفةَ:

فمنها: أنْ قالوا: إنَّ أصحابَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في الشُّورى دَعَوْا علياً إلى تقليدِ أبي بكرٍ وعمرَ، ودعَوا عثمانَ إلى ذلك، وكان الداعي لهما عبدَ الرحمن، بمحضَر من أصحابِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على تكاثرِهم، وما كانت إجابةُ عثمان إلا لكونِه دونَهما في العلمِ.

ومنها: أنَّ الأعلمَ أقوى اجتهاداً في استخراخ حكمِ الحادثةِ، لشدَّةِ معرفتِه بطرقِ الاجتهاد، ومَنْ دونَه أضعفُ في ذلك القام، وهو على يقينٍ من ظنِّه وإفراغ وُسعِه في استخراج الحكمِ، فتوازيا وتساويا، فكانَ مخيَّراً بينَ العملِ باجتهادِه، أو تقليدِ الأعلمِ لأجلِ التَّساوي.

فأمَّا الجوابُ عن الأوَّلِ، فقد سبقَ من الوجوهِ التي قدَّمناها، وأنَّ القومَ لم يدعوا [إلا] إلى التقليدِ في (٢) السياسةِ، والتوفيرِ على النظرِ، والزهدِ


(١ - ١) طمس في الأصل، وأستدرك من "التبصرة" ٤١٠.
(٢) في الأصل: "إلى".

<<  <  ج: ص:  >  >>