للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يمنَحَ العلماءَ فُهُوماً يستنبطونَ بها معانىَ توجبُ الأحكامَ، ويصرحون (١) ويفتون (٢) بالفتاوي، قادرٌ على إخراج الأحكامِ إلى الأفهامِ بنصوص يعدها لكلِّ حادثٍ يحدثُ منها، وقدْ ذكرَ ذلكَ، وأخبرَ بهِ، حيثُ قالَ فيما يزيدُ على الأحكام: {وَوَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا} إلى قولِهِ: {وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [الأنعام: ٥٩]، والكتاب نفس النصوصِ، وإذا كانَ عالماً بما يحدثُ منها، كاتباً في اللوح ما أملاهُ مِن معلوماتِهِ في خلقِهِ، كانَ الإمكانُ للتنصيصِ على جميع حوادثِ الأحكامِ حاصلاً في حقه سبحانَة.

فصل

في شبهةِ المخالفِ

قالَ: الخارجُ إلى الوجودِ على سبيلِ الأعداد والحصول متناهٍ، وهوَ في المثال ما ذكرتَ منَ اللوح المحفوظِ، وهو جسمٌ متناهٍ، وإنْ كبرَ وعظمَ، ولكنًّة ينتهي إلى حد، والمتُجدِّداتُ منَ الحوادثِ لا نهايةَ لها، وكيفَ ينطبقُ متناهٍ على غيرِ متناهٍ؟! ولهذا يمتنع أنْ يكونَ اللوحُ المحفوظ حاوياً لآحادِ نعيمِ أهل الجنة، لأنَّ نعيمَ أهلِ الجنةِ لاغايةَ لآحادِه؛ بل هو مارٌّ مسلسلٌ إلى غيرِ غايةٍ، فكيف ينطبقُ عليهِ مسطورٌ لَهُ غايةٌ؛! وليسَ لنا وجود شيءٍ لاغايةَ لَهُ حاصلٌ سوى القديمِ سبحانَة، فمِنْ هذا الوجهِ استحالَ تحصيل نصوصٍ في حوادثَ لاغايةَ لها.


(١) في الأصل: "يصرحو".
(٢) في الأصل: "وينعنون".

<<  <  ج: ص:  >  >>