للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

في الاستدلال بالشَاهد على الغائب

اعلم أن الاستدلادَ بالشاهد على الغائب يَجْري على وجهين: أحدهما: الاستدلالُ بما تُشاهدُ على ما تَحتاجُ إلى علمه مما لا تُشاهدُ.

والآخرُ: الاستدلالُ بما له شهادةٌ على ما تَحتاجُ إلى علمه من جهة الدَّلالةِ.

مثال الأوَّلِ: الاستدلال بالمُشاهَدةِ (١) [على] (٢) الفرق بين المُتحرِّكِ والساكنِ من جهة الرُّويةِ على أن الحركة تُرى، وكذلك الاستدلالُ بمشاهدة الشَّجرةِ المُورِقةِ بعد أن كانت يابسةً أن لها صانعاً جعلَها على تلك الصِّفةِ، كما أنك إذا شاهدْتَ الدَّار مبنيَّةً بعد أن كانت مهدومةً، فلا بدَّ من بانٍ (٣) جعلَها على تلك الصَفةِ.

ومثالُ الثاني: استحقاقُ الذَّمِّ يشهدُ بأنه لا يَستحِقُه إلا مسيءٌ، وأن المسيءَ صار مسيئاً بعد أن لم يكن مسيئاً يشهدُ بأنه لا بُدَّ من إساءة لأجلها كان مسيئاً، كما أنه إذا صار موجوداً بعد أن لم يَكُنْ موجوداً، فلا بُدَّ من مُوجدٍ، وإذا حَدَثَ، فلا بُدَّ من مُحدِث، وإحكامُ الفعل يشهدُ (٤) بأن فاعَلَه عالِمٌ.


(١) في الأصل: "بالشاهدة".
(٢) أضفناها على الأصل لتتضح العبارة.
(٣) في الأصل: "باني".
(٤) في الأصل: "تشهد".

<<  <  ج: ص:  >  >>