للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل: لا يلزمُ هذا؛ لأن الطعمَ علَّةُ في تحريمِ التفاضلِ أينما وُجد، لكن بشرطِ ملاقاةِ جنسِه، البر للبرِّ، والشعيرُ للشعيرِ، ولا نقول: إنه علَّةٌ في البر وليس بعلةٍ في الشعيرِ، والمستثني في العلَّة بنفي الكلب والخنزيرِ مُخرجٌ لهما من الحيوانية، فقد تخصصتْ الحيوانيةُ، وهي اَلعلةُ، فوقف على محل دون محل، فالحياةُ توجبُ طهارةَ الشاةِ ولا توجبُ طهارةَ الكلبِ والخنزيرِ، فترددَ السبعُ بينهما لأنه لا يمكنُ أن يُقاسَ عليهما جميعاً مع تضادِ الحكم فيهما.

فصل

في (غَير) هل تدخل على العلَّة

أما من قال بالاستثناءِ في العلِل، فجوّز ذلك من غيرِ تفصيل، ومن منعه ولم يسوَغْه في العللِ، فقد اختلفَ هذا القبيلُ بحسب اختلافِ حالِ (غير)، فإنها قد تجيء بمعنى الصفةِ (١)، وتجيء بمعنى الاستثناءِ، فإذا جاءت بمعنى الصفةِ أجازها الفريقان، وإذا جاءت بمعنى الاستثناء كانت على ما ذكرنا من الخلافِ، وقد جاءت في قولِه تعالى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: ٩٥]، على الوجهين، فقرىءَ: {غيرَ أولي الضرر} بالنصب (٢)، فكانت استثناءً، وجاءت بالرفع فكانت صفةً (٣)، كأنه قال: لاَ يَستوي القاعدون من


(١) وهو الأصل فيها، انظر "المساعد على تسهيل الفوائد" لابن عقيل، ١/ ٥٩٠.
(٢) هذه قراءة نافع، وابن عامر، والكسائي، انظر "حجة القراءات" لابن زنجلة: ٢١٠، و"الحجة للقراء السبعة" لأبي علي الفارسي ٣/ ١٧٨ - ١٧٩.
(٣) وهي قراءة ابن كثير، وأبي عمرو، وعاصم، وحمزة، على أنها صفة للقاعدين. انظر المراجع السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>