للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بثوبه، وينبذ الآخر ثوبه ويكون ذلك بيعهما عن غير نظرٍ ولا تراضٍ. واللبستين: اشتمال الصماء. والصماء: أن يجعل ثوبه علي أحد عاتقيه، فيبدو أحد شقيه ليس عليه ثوبٌ. واللبسة الأخرى: احتباؤه بثوبه، وهو جالسٌ ليس علي فرجه منه شيءٌ. متفق عليه.

٢٨٥٤ - وعن أبي هريرة، قال: نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الحصاة، وعن بيع الغرر. رواه مسلم.

ــ

((مح)): لأصحابنا في تفسير حديث الملامسة ثلاثة أوجه، أحدها: ما قال الشافعي رضي الله عنه: هو أن يأتي بثوب مطوي أو في ظلمة فيلمسه المستام، فيقول صاحبه: بعتكه بكذا، بشرط أن يقوم لمسك مقام نظرك، ولا خيار لك إذا رأيته. والثاني: أن يجعل نفس اللمس بيعًا، فيقول: إذا لمسته فهو مبيع لك. والثالث: أن يبيعه شيئًا علي أنه متى يمسه انقطع خيار المجلس وغيره، وهو باطل علي التأويلات. ومعنى قوله: ((عن غير نظر ولا تراض)) أي بلا تأمل ورضي بعد التأمل.

قوله: ((واللبستين)) كذا في الجمع بين الصحيحين، وشرح السنة، ونسخ المصابيح، علي الحكاية من قوله: ((نهي عن لبستين)) وفي جامح الأصول ((اللبستان))، علي الظاهر. قوله: ((الصماء)) ((نه)) هو أن يتجلل الرجل بثوبه ولا يرفع منه جانبًا، وإنما قيل له صماء؛ لأنه يسد علي يديه ورجليه المنافذ كلها، كالصخرة الصماء التي ليس فيها خرق ولا صدع، والفقهاء يقولون: هو أن يتغطى بثوب واحد ليس عليه غيره، ثم يرفعه من جانبيه فيضعه علي منكبيه فتكشف عورته، و ((الاحتباء)) هو أن يضم الإنسان رجليه إلي بطنه بثوب، ويجمعهما مع ظهره ويشده عليهما، وقد يكون الاحتباء باليدين عوض الثوب، وإنما نهي عنه؛ لأنه إذا لم يكن عليه إلا ثوب واحد، ربما تحرك أو زال فتبدو عورته.

الحديث الحادي والعشرون عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((عن بيح الحصاة)) ((قض)): بيع الحصاة من البياعات التي كان يفعلها أهل الجاهلية؛ واختلف في تفسيره، فقيل: هو أن يقول البائع للمشتري في العقد: إذا نبذت إليك الحصاة فقد وجب البيع، والخلل فيه إثبات الخيار وشرطه إلي أمد مجهول، وقيل: هو أن يعقد بأن يرمي بحصاة في قطع غنم، فأي شاة أصابتها كانت المبيعة، والخلل فيه جهالة المعقود عليه. وقيل: هو أن يجعل الرمي بيعًا، والخلل في نفس العقد وصورته، والغرر ما خفي عليك أمره من الغرور، وبيع الغرر كل بيع كان المعقود عليه فيه مجهولاً أو معجوزًا عنه، ومن ذلك بيع ما لم تره، وبيع تراب المعدن، وتراب الصاغة؛ لأن المقصود بالعقد ما فيه من النقد وهو مجهول.

<<  <  ج: ص:  >  >>