للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قبله؟!). رواه مسلم.

والحديثان المرويان عن أبي هريرة، قال: (قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن

الشرك) والآخر: (الكبرياءُ ردائي) سنذكرها في باب الرياء والكبر إن شاء الله تعالى.

ــ

نفسه في إسلامه. وحديث الهجرة والحج زيادة في جوابه، كأنه قيل لا تهتم بشأن الإسلام

وحده، وأنه يهدم ما كان قبله، فإن حكم الهجرة والحج كذلك.

وثانيها: أن العطف في علم المعاني يستدعى المناسبة القوية بين المعطوف والمعطوف عليه

وإلا فيدخل في حكم الجمع بين الأروى والنعام. قال صاحب الكشاف في قوله

تعالى: (سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق): عطف (وقتلهم الأنبياء) على (ما قالوا)

ليدل على أن قولهم: (إن الله فقير ونحن أغنياء) في الفظاعة كقتل الأنبياء، وفي أنه يجري

مجرى الذنب السابق كقتل الأنبياء.

وثالثهما: (أما) فإن الهمزة فيها معنى النفي، وما نافية، فإذا اجتمعا دلا على التقرير، لا سيما

وقد اتبعا بقوله: (علمت) إيذانا بأن ذلك أمر مقرر لا نزاع فيه، ولا ينبغي أن يرتاب مرتاب فيما

يتلوها.

ورابعها: لفظ (يهدم) فإنه قرينة للاستعارة المكنية، شبهت الخصائل الثلاث في قلعها الذنوب

من سنخها بما يهدم البناء من أصله، من نحو الزلازل والمعاول، ثم أثبت للإسلام ما يلازم

المشبه به من الهدم وينسب إليه، على سبيل الاستعارة التخييلية.

وخامسها: الترقي، فإن قوله: (الحج يهدم ما كان قبله) في أبلغ إرادة المبالغة من الهجرة؛ لأنه

دونها، فإذا هدم الحج الذنوب فبالطريق الأولى أن تهدمها الهجرة؛ لأنها مفارقة الأوطان

والأحباء، وموافقة لنبي الله - صلى الله عليه وسلم - وكذا حكم الهجرة مع الإسلام، وعلى هذا قول المعرى:

سرى برق المعرة بعد وهن ... فبات برامة نصف الكلالا

شجى ركبا وأفراسا وإبلا ... وزاد فكاد أن يشجو الرجالا

وسادسها: تكرير (يهدم) في كل من الخصال؛ ليدل على استقلال كل منها بالهدم، ويؤيد هذا

بما روينا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (ما رؤى الشيطان يوما هو فيه أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا

أغيظ منه في يوم عرفة، وما ذاك إلا لما يرى من تنزل الرحمة، وتجاوز الله عن الذنوب العظام)

ــ

<<  <  ج: ص:  >  >>