للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لقبضه. قال الحسن: فلمّا أتاه نعي أخيه أتاه الحيّ يعزّونه بأخيه، وما هيأته وشغله إلّا بجهازه لسفره إلى محمد بن علي، فقال له سالم: ابدأ بوجهك في طلب ميراثك، ونبعث بكتبنا [١] مع موسى السرّاج، فقال بكير: ما كنت لأوثر الدنيا على الآخرة، بل أمضي إلى صاحبي، وألقاه، وأستأذنه، فإن أذن لي في طلب ميراثي شخصت [٢] في ذلك فما أسرع الإياب إن مدّ لي في الأجل. فشخص بكير حتى أتى دمشق ثم ابتاع بها عطرا، وحمله على بغل ابتاعه، وخرج حتى أتى الشراة في هيئة عطّار يبيع عطرة، وأتى بعض [٣] قراها فباع بعض ما معه حتى شهر بذلك، ثم توجّه إلى الحميمة، فلمّا دخلها طلب منزلا ينزله، فبصر بإبراهيم بن سلمة، وكان يعرفه بحيّان [٤] خاله بالكوفة، فقال له وهو متلثّم: يا فتى هل من منزل؟ قال: نعم، هذا منزل الضيفان. فخرج به حتى أدخله رحبة واسعة فيها منزل محمد بن علي [٩٠ ب] وقد أطاف بالرحبة منازل إخوته وولده ومواليهم، وفيها مسجد لهم فيه مجتمعهم ومتحدثهم وأكثر طعامهم، فأدخل بكيرا بيت الضيفان وأدخل متاعه، فلمّا وضع رحله أسفر عن وجهه، فلمّا رآه إبراهيم بن سلمة عرفه فسلّم عليه، وقال له بكير: لا تظهرنّ معرفتك بي. قال الحسن: فأخبرنا بكير قال: فكتمت أمري، وجعلت أعرض بضاعتي، وأساهل من أبايعه من آل علي، وجعلوا يذكرون ذلك لأبي عبد الله حتى [٥] أنسوا بي، وجعلت


[١] في الأصل: «بكتبا» .
[٢] في الأصل: «فشخصت» .
[٣] كررت في الأصل «بعض» .
[٤] في الأصل: «تحيان حاله» ، وحيان العطار هو خال إبراهيم بن سلمة. انظر ص ١٨٤ من هذا الكتاب.
[٥] في الأصل: «حتى إذا» .

<<  <   >  >>