للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفَصْلُ الثَّانِي: أُصُولُ الظَّاهِرِيَّةِ:

وتناولنا لهذه الأصول لن يكون على سبيل الاستيعاب، فليس هذا من قصدنا، إلى جانب أن ابن حزم قد أغنانا عنه بما كتبه في أصول الظاهرية في " الإحكام " و" النبذ " وغيرهما.

ولكن الذي يعنينا هنا هو أن نشير إلى أهم معالم المنهج الظاهري، وأن نسجل أوجه الخلاف أو الوفاق بينه وبين منهج المحدثين، في كل موضع تدعو الحاجة فيه إلى الموازنة.

أصول الظاهرية هي: القرآن، والسنة، والإجماع، والدليل. فإن لم يكن شيء من ذلك اعتمدوا على الاستصحاب. وكل هذه الأصول نصوص أو راجعة إلى النصوص.

يقول ابن حزم مبينًا هذه الأصول، وموضحًا معنى الدليل: «وَوَجَدْنَا فِي القُرْآنِ إِلْزَامَنَا الطَّاعَةَ لِمَا أَمَرَنَا بِهِ رَبُّنَا تَعَالَى فِيهِ وَلِمَا أَمَرَنَا بِهِ نَبِيُّهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِمَّا نَقَلَهُ عَنْهُ الثِّقَاتُ أَوْ جَاءَ عَنْهُ بِتَوَاتُرٍ أَجْمَعَ عَلَيْهِ جَمِيعُ عُلَمَاءِ المُسْلِمِينَ عَلَى نَقْلِهِ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - فَوَجَدْنَاهُ تَعَالَى قَدْ سَاوَى بَيْنَ هَذِهِ الجُمَلِ الثَّلَاثِ فِي وُجُوبِ طَاعَتِهَا عَلَيْنَا».

«فَنَظَرْنَا فِيهَا فَوَجَدْنَا مِنْهَا جَمُلاً إذَا اجْتَمَعَتْ قَامَ مِنْهَا حُكْمٌ مَنْصُوصٌ عَلَى مَعَنَاهُ، فَكَانَ ذَلِكَ كَأَنَّهُ وَجْهٌ رَابِعٌ، إِلَّا أَنَّهُ غَيْرَ خَارِجٍ عَنْ الأُصُولِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي ذَكَرَنَا، وَذَلِكَ نَحْوَ قولَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: " كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ " فَأَنْتَجَ ذَلِكَ كُلَّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ فَهَذَا مَنْصُوصٌ عَلَى مَعْنَاهُ نَصًّا جَلِيًّا ضَرُورِيًّا

<<  <   >  >>