للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهل كان كل ما وراء المادة خرافة وخيالاً؟ وهل ما لا نحسه - أي غير المادي - لا وجود له؟ نجيب على ذلك بإيجاز شديد، ليعلم ذلك كل ذي حس وبصيرة.

ولقد ثبت علميًا جهل (كارل ماركس) وخطؤه الفاحش، فقد اكتشفت الطاقات الضوئية والإشعاعية والرادار والأصوات في الأثير، كما تمكن العلماء من معرفة عنصر الهليون عن طريق الأشعة التي صدرت عنه في الشموس، وحددوا حجم ومدار كوكب النبتون قبل أن تراه الأجهزة العلمية، وذلك بنفس الوسيلة العلمية، وهي معرفة الجانب غير المحسوس من الحقائق عن طريق شواهده، وآثاره في العالم المحسوس.

وهكذا اكتشف الإنسان ما وراء المادة بل قد أحاط بالمادة، فيستحيل أن تكون هي الخالقة له وهي المفسرة لحياته.

وأصبح مِنَ المُسَلَّمِ بِهِ عِلْمِيًّا أن تعرف الجانب الغير المرئي من الحقائق عن طريق الآثار التي تدل عليه في العالم المحسوس.

هذه الحقيقة أدركها العرب بالنظرة وبغير أجهزة علمية أو اكتشافات أثيرية فقالوا: «البَعْرَةُ تَدُلُّ عَلَى البَعِيرِ، وَالأَثَرُ يَدُلُّ عَلَى المَسِيرِ، أَلاَ تَدُلُّ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ عَلَى اللَّطِيفِ الخَبِيرِ».

أمام هذا الاكتشاف العلمي، وأمام الفشل التي منيت به الماركسية، دعا (روجيه غارودي) سكرتير الحزب الشيوعي الفرنسي إلى تطوير الماركسية في عدة أمور، منها: ضرورة الاعتراف بالإيمان والمؤمنين في الحزب الشيوعي.

المَادِّيَّةُ الجَدَلِيَّةُ تَهْدِمُ المُجْتَمَعَ الشُّيُوعِيَّ:

فمن الناحية الفلسفية:

تقوم المادية الجدلية على عدة قوانين للنمو، هي: قانون تحول التغيرات الكمية إلى كيفية، وقانون تداخل الأضداد، أي وجود التناقضات، وقانون نفي النفي، فالإقطاع تنفيه وتهدمه الرأسمالية، وهذه تهدمها الاشتراكية، في كل مجتمع يتضمن عُنْصُرَا الضِّدِّ وَالنَّقِيضِ فيهدم نفسه ويحل محله غيره. وإذا سلمنا جدلاً بحقيقة هذه القوانين وحتميتها كما يدعي (ماركس) فإنها تتضمن بهذا التحليل، أن يهدم المجتمع الشيوعي نفسه، وينشأ عنه مجتمع آخر تنفيذًا لقانون النقيض، والشيوعية لا بد أن تنفي نفسها. ونذكر أن مبدأ

<<  <   >  >>