للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• ثَالِثًا: رِجَالُ الدِّينِ وَالشُّؤُونِ العَامَّةِ:

إن ما أورده المقال من أن التيار الإسلامي يريد فرض نفسه على أرض الواقع، مع أن أحدًا لا يحاول صرف رجال الدين عن إبداء رأيهم في الشؤون العامة ولكن دون أن يستغلوا ذلك بالخروج على القانون والثورة على النظام، وهو ما سعت إليه بعض الجماعات الدينية المتطرفة باستخدامها المنابر من أجل الترويج لأفكارها ومعتقداتها.

إن هذا الذي أورده الدكتور (وحيد رأفت) ينطوي على تناقضات كنا نود أن يتنزه عنها، وهو المسؤول الثاني في حزب الوفد ورجل القانون المشهور عالميًا، وذلك لأسباب أهمها:

١ - أن استخدام المنابر من أجل الترويج للأفكار والمعتقدات لا يمكن أن يوصف أنه ثورة على النظام أو تمرد أو خروج على القانون، فالدستور قد كفل حق التعبير عن الرأي وممارسة ذلك - سواءً من خلال المنابر أو الصحافة أو المؤتمرات - لا يعد خروجًا على القانون ولا ثورة على النظام، وكيف يكون ذلك هو الخروج على القانون مع فتح الباب للأعمال السرية؟ وكيف يصبح النهي عن المنكرات ثورة على النظام؟

٢ - إن حزب الوفد يتبنى الدعوة إلى الديمقراطية وإلى احترام الدستور، والديمقراطية توجب العمل بما تتفق عليه الأغلبية، فلماذا يصبح الحَجْرُ على رأي الأغلبية سدًا للذرائع أو حفاظًا على الوحدة الوطنية، أو للحيلولة دون الثورة على النظام. والدستور الذي يكافح الوفد للذود عنه قد نص في مادته الثانية على أن تكون الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، وقد خالف نواب الحكومة هذا الدستور واختلقوا الأسباب الواهية للتنصل من تطبيق هذا النص، بينما عارضهم نواب الوفد، فلماذا يتغير موقف الرجل الثاني في حزب الوفد ولا ينزل على حكم الدستور وعلى الديمقراطية؟.

٣ - إن تعبير رجال الدين والاستشهاد بواقع هؤلاء في أوروبا ليس محلاً للقياس في مصر والبلاد العربية، لأن الإسلام لا يعرف هذا التعبير ولا اسم الحكومة الدينية والتي ظهرت في أوروبا حيث يكون أفرادها من الكهنة ورجال الدين الذين لهم حق التحليل والتحريم، ولهم عصمة عند أتباعهم حتى ابتدعوا صكوك الغفران والحرمان، وتحالفوا مع رجال الإقطاع ضد الشعوب وعاقبوا كل من مارس حقه في العلوم التجريبية، وكل هذه المفاسد ليست في النظام الإسلامي بل جاء القرآن لهدمها وهو ما لا ينكره أحد من المنصفين الأوروبيين. وبالتالي

<<  <   >  >>