للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هي مصدر السلطات وبالتالي يملك ممثلوها وضع التشريعات التي تتفق عليها أغلبية المجالس التشريعية.

• الدساتير الخاصة بالدول الشيوعية، وهي تقوم على أساس الالتزام بالماركسية، فلا يملك ممثلو الأمة الخروج عليها.

وهذه لا مجال للمقارنة بينها وبين الإسلام، لأنها تنكر الأديان.

• دساتير الدول الإسلامية، ونعني بها التي بها أغلبية مسلمة، وتتضمن دساتيرها نصوصًا مؤداها أن الدولة دينها الإسلام، وهو مصدر رئيسي للتشريع، كما تتضمن دساتيرها أيضًا أن السيادة للأمة وهي مصدر السلطات.

لهذا يهمنا كمسلمين أن نبين مضمون نظرية السيادة وهل تتعارض مع الإسلام أم تتفق معه، والأدلة على ذلك بإيجاز.

الإِسْلاَمُ وَنَظَرِيَّةُ السِّيَادَةِ:

هذه النظرية كما يعرفها فقهاء القانون الدستوري، هي سلطة أصيلة مطلقة عامة غير محددة، تهيمن على الأفراد والجماعات. وقد وقف منها علماء المسلمين في عصرنا موقفين متعارضين، فأغلبية منهم يعتبرونها نظامًا إسلاميًا لقول الله: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} (١)، {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} (٢).

بل منهم من يصرح بأن الأمة مصدر جميع السلطات.

والخطأ في ذلك هو هذا الإطلاق الذي يخول الشعب حق التشريع المطلق كما هو الحال في الغرب، بينما الإسلام يقيد ذلك بنصوص القرآن والسنة لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الخَالِقِ»، ولقول الله تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} (٣).

أما الطائفة الأخرى من علماء المسلمين فترى أنه لا وزن لرأي الأغلبية لا في الأمور التشريعية ولا في غيرها مما لم يرد فيه نص شرعي، مستندين إلى أقوال في الفقه تتضمن أن الشورى معلمة لا ملزمة.

والخطأ في ذلك هو إعطاء الحاكم سلطة مطلقة استنادًا إلى قول الله تعالى: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} (٤). وقد أجاب الإمام البخاري على ذلك في قوله: «وَأَنَّ المُشَاوَرَةَ قَبْلَ العَزْمِ وَالتَّبَيُّنِ ...» أي في الأمور التي لم يتبين فيها للشرع حكم، تجب المشاورة ويلتزم الحاكم


(١) [آل عمران: ١٥٩].
(٢) [الشورى: ٣٨].
(٣) [المائدة: ٤٩].
(٤) [آل عمران: ١٥٩].

<<  <   >  >>