للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بنتيجة الشورى. أما إذا تبين للشرع حكم فيكون العزم في تنفيذ هذا الحكم، وهذا ما فعله الخليفة الأول في شأن قتال مانعي الزكاة، وما فعله النبي والصحابة في غزوة بدر حيث نزل الرسول على رأي الحُبَابِ بْنِ المُنْذِرِ لعدم وجود وحي من الله وأن الموضوع متروك للرأي والحرب.

كما نزل النبي على رأي الأغلبية في اختيار مكان موقعة أحد، وكان رأيه وكبار الصحابة البقاء بالمدينة وكانت ترى الأغلبية الخروج لملاقاة العدو فأخذ بذلك.

شُبُهَاتٌ حَوْلَ الدُّسْتُورِ الإِسْلاَمِيِّ:

وأما عدم وضوح الدساتير العربية في الالتزام الكامل بأحكام الإسلام فيما يصدر من تشريعات، فإن تيارًا شعبيًا يدعو إلى تغيير النص المتضمن أن الشريعة مصدر رئيسي للتشريع ليصبح «الإسلام هو المصدر الرئيسي للتشريع». وقد أثار بعض الكُتَّابِ ممن ينتمون إلى الفكر الرأسمالي والفكر الماركسي شبهات حول هذا المطلب تركزت فيما نشرته الصحافة لبعضهم متضمنًا أن هذا التعديل ينقل سلطة التشريع إلى وزارة الأوقاف أو كلية الشريعة، وأنه يكفي لضمان سيادة الإسلام على التشريع أن نواب المجالس التشريعية مسلمون كلهم أو أكثرهم وكذلك الناخبون، كما قيل إن التعديل غير ديمقراطي.

ونأمل أن يكون واضحًا أن كل شعب أو أغلبية لها عقيدة أو مبدأ تضع في الدستور نصًا باحترام هذا المبدأ بحيث لا يصدر تشريع مخالف له، ولا تكتفي الأنظمة بذلك بل تفرض ما يسمى بالرقابة الشعبية. فدستور الاتحاد السوفياتي، الذي التزم بالمبدأ اللينيني الماركسي، لم يكتف بذلك، فنص في المادة ١٤ من دستور عام ١٩٣٦ على اختصاص مجلس السوفيات الأعلى بالإشراف على تنفيذ الدستور، مع أن الماركسية التي يحميها من خيال االبشر وقد عدلوا عن كثير منها في روسيا والصين وأحزابهم بأوروبا كما نرجو أن يكون واضحًا أن وجود مثل هذا النص المقترح في دساتير البلاد الإسلامية لا يعني اختصاص الوعاظ بالأوقاف أو مدرسي الشريعة بوضع التشريعات المدنية والجنائية والتجارية والتأمينية، فليس في الإسلام رجال دين يملكون حق التشريع أو التفسير المطلق وليس أدل على ذلك من أن الإسلام يحيل إلى أهل الاختصاص. قال تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (١).


(١) [الأنبياء: ٧].

<<  <   >  >>