للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السنة النبوية ليست ما أنزل الله، وبالتالي تسري بشأنها القاعدة التي وضعها وهي أن التعامل معها بعقولنا فنقبل منها ما تقبله هذه العقول التي تختلف باختلاف الزمان والمكان والأفهام والتأثيرات اليمينية واليسارية.

وإذا كان الدكتور خلف الله يقصد أن أقوال ابن تيمية وابن القيم والمودودي وسائر الفقهاء ليست بذاتها من عند الله، وبالتالي لنا أن نجتهد فيها وأن نتعامل معها بعقولنا فهذا ما يقوله الصغير والكبير في الجماعات الإسلامية التي أشار إليها الدكتور. فأقوال الفقهاء تعرض على القرآن والسنة النبوية ولا تطاع إلا في حدود موافقتها لهما.

ولكن سياق عبارة الدكتور خلف الله تشمل السنة النبوية كما تشمل أقوال الفقهاء. فكان عليه الإيضاح إن كان ما يقصده هو ما أجابت به جريدة " الوطن ".

ثَانِيًا: طَبِيعَةُ الحُكُومَةِ الإِسْلَامِيَّةِ:

أورد الدكتور في رده أن الخلفاء لا يخلفون الله من حيث أن الله لم ينص ذلك كما نص في خلافة داود. ومن حيث أن الخليفة يخلف غيره حين يغيب لمرض أو سفر أو وفاة وليس يصح شيء من ذلك بالنسبة إلى الله.

وتساءل الدكتور: هل أملك أن أعين خليفة للهِ في أرض اللهِ من غير أن يأذن اللهُ؟. وأين هو الإذن؟ ولن أجيب على ذلك بما أوردته في المقال الثالث عن الحكومة الدينية التي كانت ظل الله في الأرض. لأن هذا قد أوقفت " الوطن " نشره.

وإنما أحيل الجميع إلى المقال الأول المنشور يوم ٢٦/ ١١ / ١٩٨٢ حيث جاء به بالحرف: «إن قول الدكتور خلف الله يخلط بين حكم الإسلام وبين الحكومة الدينية التي ظهرت في أوروبا. وكانت تدعي أنها ظل الله في الأرض، وبالتالي فما يصدر عنها يكون تشريعًا من الله، لأنها جاءت بسلطان من الله تعالى. وهذا الأمر يرفضه الإسلام جملة وتفصيلاً، والقاصي والداني يعلم ذلك. فالقرآن الكريم قد حذر من هذا السلطان الديني الكاذب وعده من أنواع الشرك بالله وهذا ما قاله النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لعدي بن حاتم حين جاء يعلن إسلامه. فَقَدْ قَرَأَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ قَوْلَ اللهِ: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [التوبة: ٣١]، فَقَالَ عَدِيٌّ: «مَا عَبَدْنَاهُمْ». قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَلَمْ يُحِلُّوا لَكُمْ الحَرَامَ وَيُحَرِّمُوا عَلَيْكُمْ الحَلَالَ فَاتَّبَعْتُمُوهُمْ». قَالَ عَدِيٌّ: «بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ»، قَالَ: «فَتِلْكَ عِبَادَتُكُمْ إِيَّاهُمْ». انتهى (*)


[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ / البَاحِثُ: تَوْفِيقْ بْنُ مُحَمَّدٍ القُرَيْشِي]:
(*) قارن بالصفحة ١٨٧ من هذا الكتاب.

<<  <   >  >>