للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثَالِثًا: الخَلْطُ بَيْنَ الإِسْلاَمِ وَالعِلْمَانِيَّةِ:

إنه سواءً كانت العلمانية هي اللادينية كما أثبت أكثر من عالم منهم الأستاذ محمد محمد حسين في كتابه " حصوننا مهددة من داخلها " وكتاب " الاتجاهات الوطنية " وكما هو ثابت في المعاجم، أو كانت العلمانية لا تتصل بأوامر الدين ونواهيه وإنما تعني فقط فصل الدين عن الدولة كما يقول المدافعون عنها حسبما نشر في " الوطن " بتاريخ ٢٦/ ٢ / ١٩٨٤ م، فإن النتيجة المترتبة على الأخذ بالعلمانية في الحالين هو فصل الدين عن شؤون الحياة، وبالتالي يخضع المسلم جبرًا عنه وبقوة القانون لتشريع يخالف تشريع الله تعالى، وهذا يخالف الإسلام والعلمانية مَعًا.

أ - أما مخالفته للإسلام فالله تعالى يقول: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (١) ويقول: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} (٢). وقد استعرضت إدارة الإفتاء بالمملكة العربية السعودية الآيات القرآنية والأحاديث النبوية في هذا الشأن وأصدرت بيانًا للمسلمين طبع ضمن كتاب سنة ١٤٠٣ هـ - ١٩٨٣ م بعنوان " دليل الحاج والمعتمر "، جاء به أن «اعْتِقَادَ جَوَازِ الحُكْمِ بِغَيْرِ ما أنزلَ اللهُ مِنَ المُعَامَلاَتِ أَوْ الحُدُودِ أَوْ غَيْرِهَا كُفْرٌ؛ وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدْ أَنَّ ذَلِكَ أَفْضَلَ مِنْ حُكْمِ الشَّرِيعَةِ؛ لأَنَّهُ بِذَلِكَ يَكُونُ قَدْ اِسْتَبَاحَ مَا حَرَّمَ اللهُ إِجْمَاعًا، وَكُلُّ مَنْ اِسْتَبَاحَ مَا حَرَّمَ اللهُ مِمَّا هُوَ مَعْلُومٌ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ كَالزِّنَا وَالخَمْرِ وَالرِّبَا وَالحُكْمِ بِغَيْرَ شَرِيعَةِ اللهِ فَهُوَ كَافِرٌ بِإِجْمَاعِ المُسْلِمِينَ».

ب - إن العلمانية أساسها رد الأمر إلى الأمة لأنها في النظام العلماني هي مصدر السلطات، وبالتالي فالتشريع الذي ترتضيه الأغلبية يصبح واجب النفاذ ويلزم الجميع، ولما كانت أغلبية المجتمعات الإسلامية تطالب بالإسلام ولا ترضى أن تستمد تشريعاتها من مصادر أخرى،

فلماذا تصر أقلية قليلة على إكراه المسلم على الخضوع لغير شرع الله من جانب وإكراه الأغلبية على تشريع لا ترضاه أغلبية الأمة، وذلك يصادم أيضًا النظام الديمقراطي الذي تقول هذه الأقلية أنها تتبعه وترتضيه طبقًا لمفهوم العلمانية.


(١) [الشورى: ٢١].
(٢) [النساء: ٦٥].

<<  <   >  >>