إبراهيم بن سعد بن إبراهيم، عن أبيه، عن سعيد بن المسيب، وقال إسحاق بن عيسى بن الطباع: سألت مالكا: أبلغك أن ابن عمر قال لنافع: لا تكذب علي كما كذب عكرمة على ابن عباس؟ قال: لا، ولكن بلغني أن سعيد بن المسيب قال ذلك لبرد مولاه، وقال جرير بن عبد الحميد، عن يزيد بن أبي زياد: دخلت على علي بن عبد الله بن عباس وعكرمة مقيد عنده، فقلت: ما لهذا؟ قال: إنه يكذب على أبي. وروي هذا أيضا عن عبد الله بن الحارث، أنه دخل على علي، وسئل ابن سيرين عنه فقال: ما يسوءني أن يدخل الجنة، ولكنه كذاب. وقال عطاء الخراساني: قلت لسعيد بن المسيب: إن عكرمة يزعم أن رسول الله ﷺ تزوج ميمونة وهو محرم، فقال: كذب مخبثان، وقال فطر بن خليفة: قلت لعطاء: إن عكرمة يقول: سبق الكتاب الخفين، فقال كذب؛ سمعت ابن عباس يقول: امسح على الخفين وإن خرجت من الخلاء، وقال عبد الكريم الجرزي: قلت لسعيد بن المسيب: إن عكرمة كره كرى الأرض، فقال كذب؛ سمعت ابن عباس يقول: إن مثل ما أنتم صانعون استئجار الأرض البيضاء. وقال وهب بن خالد: كان يحيى بن سعيد الأنصاري يكذبه، وقال إبراهيم بن المنذر، عن معن بن عيسى وغيره: كان مالك لا يرى عكرمة ثقة، ويأمر أن لا يؤخذ عنه، وقال الربيع: قال الشافعي وهو يعني مالكا: سيئ الرأي في عكرمة، قال: لا أرى لأحد أن يقبل حديث عكرمة، وقال عثمان بن مرة: قلت للقاسم: إن عكرمة قال كذا، فقال: يا ابن أخي، إن عكرمة كذاب يحدث غدوة بحديث يخالفه عشية. وقال الأعمش، عن إبراهيم: لقيت عكرمة فسألته عن البطشة الكبرى، فقال: يوم القيامة، فقلت: إن عبد الله - يعني ابن مسعود - كان يقول: البطشة الكبرى يوم بدر، فبلغني بعد ذلك أنه سئل عن ذلك، فقال: يوم بدر.
وقال القاسم بن معن بن عبد الرحمن: حدثني أبي، حدثني عبد الرحمن قال: حدث عكرمة بحديث فقال: سمعت ابن عباس يقول كذا وكذا، قال: فقلت: يا غلام، هات الدواة، قال: أعجبك؟ فقلت: نعم، قال: تريد أن تكتبه؟ قلت: نعم قال: إنما قلته برأيي. وقال ابن سعد قال: كان عكرمة بحرا من البحور، وتكلم الناس فيه، وليس يحتج بحديثه، فهذا جميع ما نقل عن الأئمة في تكذيبه على الإبهام، وسنذكر إن شاء الله تعالى بيان ذلك، ونصرف وجوهه، وأنه لا يلزم عكرمة من شيء منه قدح في حديثه.
وأما الوجه الثاني: وهو الطعن فيه برأي الخوارج، فقال ابن لهيعة عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن يتيم عروة: كان عكرمة وفد على نجدة الحروري، فأقام عنده تسعة أشهر، ثم رجع إلى ابن عباس فسلم عليه فقال: قد جاء الخبيث، قال: فكان يحدث برأي نجدة، قال: وكان - يعني نجدة - أول من أحدث رأي الصفرية، وقال الجوزجاني: قلت لأحمد بن حنبل: أكان عكرمة إباضيا؟ فقال: يقال: إنه كان صفريا، وقال أبو طالب، عن أحمد: كان يرى رأي الخوارج الصفرية، وعنه أخذ ذلك أهل إفريقية، وقال علي ابن المديني: يقال إنه كان يرى رأي نجدة، وقال يحيى بن معين: كان ينتحل مذهب الصفرية؛ ولأجل هذا تركه مالك، وقال مصعب الزبيري: كان يرى رأي الخوارج، وزعم أن علي بن عبد الله بن عباس كان هو على هذا المذهب، قال مصعب: وطلبه بعض الولاة بسبب ذلك، فتغيب عند داود بن الحصين إلى أن مات، وقال خالد بن أبي عمران المصري: دخل علينا عكرمة إفريقية وقت الموسم فقال: وددت أني اليوم بالموسم بيدي حربة أضرب بها يمينا وشمالا، وقال أبو سعيد بن يونس في تاريخ الغرباء: وبالمغرب إلى وقتنا هذا قوم على مذهب الإباضية يعرفون بالصفرية، يزعمون أنهم أخذوا ذلك عن عكرمة. وقال يحيى بن بكير: قدم عكرمة مصر فنزل بها دارا، وخرج منها إلى المغرب، فالخوارج الذين بالمغرب عنه أخذوا، وروى الحاكم في تاريخ نيسابور عن يزيد النحوي قال: كنت قاعدا عند عكرمة فأقبل مقاتل بن حيان وأخوه، فقال له مقاتل: يا أبا عبد الله، ما تقول في نبيذ الجر؟ فقال عكرمة: هو حرام، قال: فما تقول فيمن يشربه؟ قال: أقول إن من شربه كفر، قال