للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أمة إلا كان لها حبر، وإن مولى هذا كان حبر هذه الأمة.

وقال جرير عن مغيرة: قيل لسعيد بن جبير: تعلم أحدا أعلم منك، قال: نعم، عكرمة، وقال قتادة: كان أعلم التابعين أربعة، فذكره فيهم، قال: وكان أعلمهم بالتفسير.

وقال معمر عن أيوب: كنت أريد أن أرحل إلى عكرمة، فإني لفي سوق البصرة إذ قيل لي: هذا عكرمة، فقمت إلى جنب حماره، فجعل الناس يسألونه وأنا أحفظ.

وقال حماد بن زيد، قال لي أيوب: لو لم يكن عندي ثقة لم أكتب عنه، وقال يحيى بن أيوب: سألني ابن جريج هل كتبتم عن عكرمة؟ قلت: لا، قال: فاتكم ثلث العلم.

وقال حبيب بن الشهيد: كنت عند عمرو بن دينار، فقال: والله ما رأيت مثل عكرمة قط، وقال سلام بن مسكين: كان عكرمة من أعلم الناس بالتفسير، وقال سفيان الثوري: خذوا التفسير من أربعة، فبدأ به، وقال البخاري: ليس أحد من أصحابنا إلا احتج بعكرمة.

وقال جعفر الطيالسي عن ابن معين: إذا رأيت إنسانا يقع في عكرمة فاتهمه على الإسلام، وقال عثمان الدارمي: قلت لابن معين: أيما أحب إليك؛ عكرمة عن ابن عباس، أو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عنه؟ قال: كلاهما، ولم يختر، فقلت: فعكرمة أو سعيد بن جبير، قال: ثقة وثقة، ولم يختر.

وقال النسائي في التمييز وغيره: ثقة، وتقدم توثيق أبي حاتم والعجلي، وقال المروزي: قلت لأحمد بن حنبل: يحتج بحديثه، قال: نعم، وقال أبو عبد الله محمد بن نصر المروزي: أجمع عامة أهل العلم على الاحتجاج بحديث عكرمة، واتفق على ذلك رؤساء أهل العلم بالحديث من أهل عصرنا، منهم أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبو ثور، ويحيى بن معين، ولقد سألت إسحاق عن الاحتجاج بحديثه، فقال: عكرمة عندنا إمام أهل الدنيا، وتعجب من سؤالي إياه، قال: وحدثنا غير واحد أنهم شهدوا يحيى بن معين، وسأله بعض الناس عن الاحتجاج بعكرمة فأظهر التعجب، وقال علي ابن المديني: كان عكرمة من أهل العلم، ولم يكن في موالي ابن عباس أغزر علما عنه، وقال ابن منده: قال أبو حاتم: أصحاب ابن عباس عيال على عكرمة، وقال البزار: روى عن عكرمة مائة وثلاثون رجلا من وجوه البلدان، كلهم رضوا به، وقال العباس بن مصعب المروزي: كان عكرمة أعلم موالي ابن عباس وأتباعه بالتفسير.

وقال أبو بكر بن أبي خيثمة: كان عكرمة من أثبت الناس فيما يروي، ولم يحدث عمن هو دونه أو مثله، أكثر حديثه عن الصحابة ، وقال أبو جعفر بن جرير: ولم يكن أحد يدفع عكرمة عن التقدم في العلم بالفقه والقرآن وتأويله، وكثرة الرواية للآثار، وأنه كان عالما بمولاه، وفي تقريظ جلة أصحاب ابن عباس إياه، ووصفهم له بالتقدم في العلم، وأمرهم الناس بالأخذ عنه ما بشهادة بعضهم تثبت عدالة الإنسان، ويستحق جواز الشهادة، ومن ثبتت عدالته لم يقبل فيه الجرح، وما تسقط العدالة بالظن، وبقول فلان لمولاه لا تكذب علي، وما أشبهه من القول الذي له وجوه وتصاريف ومعان غير الذي وجهه إليه أهل الغباوة، ومن لا علم له بتصاريف كلام العرب، وقال ابن حبان: كان من علماء زمانه بالفقه والقرآن، ولا أعلم أحدا ذمه بشيء، يعني يجب قبوله والقطع به.

وقال ابن عدي في الكامل: ومن عادته فيه أن يخرج الأحاديث التي أنكرت على الثقة، أو على غير الثقة، فقال فيه بعد أن ذكر كلامهم في عكرمة، ولم أخرج هنا من حديثه شيئا؛ لأن الثقات إذا رووا عنه فهو مستقيم، ولم يمتنع الأئمة وأصحاب الصحاح من تخريج حديثه، وهو أشهر من أن أحتاج إلى أن أخرج له شيئا من حديثه.

وقال الحاكم أبو أحمد في الكنى: احتج بحديثه الأئمة القدماء، لكن بعض المتأخرين أخرج حديثه من حيز الصحاح احتجاجا بما سنذكره، ثم ذكر حكاية نافع، وقال ابن منده: أما حال عكرمة في نفسه فقد عدَّ له أمة من التابعين، منهم زيادة على سبعين رجلا من خيار التابعين، ورفعائهم، وهذه منزلة لا تكاد توجد منهم لكبير أحد من التابعين على أن من جرحه من الأئمة لم يمسك عن الرواية عنه، ولم يستغن عن

<<  <   >  >>