١٨ - (...) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ
ــ
النكاح يتأبد.
قال الإمام: وما أراه ذهب فى هذا [إلا] (١) إلى أن ذلك من باب الشروط الفاسدة إذا قارنت النكاح، فإنها تبطل، ويمضى النكاح. فكان حكم الشرع التأبيد فى النكاح، واشتراط هذا التأجيل فيه خلاف حكم الشرع، فبطل ذلك الشرط، ومضى النكاح على حكم الشرع.
واختلفت الرواية فى كتاب مسلم، فى النهى عن المتعة، ففيه أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن ذلك يوم فتح مكة. [وقيل] (٢): إنه نهى عن ذلك يوم خيبر (٣). فإن تعلق بهذا من أجاز المتعة، وزعم أن هذا الخلاف يقدح فى الأحاديث الناسخة؛ لأنه يراه تناقضًا. قلنا: هذا خطأ، وليس بتناقض؛ لأنه يصح أن ينهى عن ذلك فى زمان، ثم ينهى عنه فى زمان آخر تأكيدًا وإشهارًا، فيسمع بعض الرواة نهيه فى زمان، ويسمع آخرون نهيه ذلك فى زمان آخر، فينقل كل فريق منهم ما سمعه، ولا يكون فى ذلك تكاذب ولا تناقض.
قال القاضى: روى حديث إباحة المتعة جماعة من الصحابة، فذكر مسلم منهم ابن مسعود، وابن عباس، وسلمة بن الأكوع، وجابر بن عبد الله، وسبرة بن معبد الجهنى، وليس فى هذه الآثار كلها أنها كانت فى الإقامة، وإنما جاءت فى مغازيهم، وعند ضروراتهم فى أسفارهم، وعدم النساء وبلادهم حارة، وصبرهم عنهن قليل.
وقد ذكر فى حديث ابن أبى عمرة أنها كانت رخصة فى أول الإسلام لمن اضطرّ إليها، كالميتة والدم ولحم الخنزير ونحوه من ابن عباس. وذكر فى حديث مسلم من رواية سلمة بن الأكوع إباحتها فى يوم أوطاس. ومن رواية سبرة الجهنى إباحتها يوم الفتح، وهما واحد، ثم تحريمها حينئذ. وفى حديثهما ومن رواية علىّ تحريمها يوم خيبر. وهو قبل الفتح.
وذكر غير مسلم عن على نهيه - عليه السلام - عنها فى غزوة تبوك من رواية إسحاق ابن راشد عن الزهرى عن عبد الله بن محمد بن على عن أبيه عن على - رضى الله عنه. ولم يتابعه أحد على هذا وهو غلط منه وهذا الحديث رواه مالك فى الموطأ (٤)، وسفيان بن عيينة، والعمرى، ويونس وغيرهم عن الزهرى عن الحسن وعبد الله ابنى محمد بن على، وفيه يوم خيبر (٥) وكذلك ذكره مسلم عن جماعة عن الزهرى، وهذا هو الصحيح. وقد
(١) ساقطة من الأصل، واستدركت فى الهامش بسهم.
(٢) من ع، وفى نسخ الإكمال: وفيه.
(٣) حديث رقم (٣٠) بالباب.
(٤) الموطأ، ك النكاح، ب نكاح المتعة ٢/ ٥٤٢ (٤١).
(٥) الترمذى، ك النكاح، ب ما جاء فى تحريم نكاح المتعة (١١٢١).