للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

لك في الأرض والسماء مآتم ... قام فيها أبو الملائك هاشم

وبديل التهم الجارحة التي وجهها إليه في خروجه على الخلافة يعود الآن ليفرغ على عمله طابع القداسة، فيشبهه بالحق الذي يؤلف بين المؤمنين:

أنت كالحق ألف الناس يقظا ... ن وزاد ائتلافهم وهو نائم

ويعتبر ثورته إلى جانب الإنجليز موقفاً يستحق أحسن المديح:

حبذا موقف غلبت عليه ... لم يقفه للعرب قبلك خادم

ولذلك لا يرى كفؤاً لغسله إلا وضوء النبيين، ولا لتكفينه إلا رقعا من مواضع صلواتهم، ولا يصلح لضم جثمانه إلا نعش مؤلف من أعواد المنبر النبوي، ولا لحمله إلا ظهر البراق الذي كان مركب الرسل من قبل:

اغسلوه بطيب من وضوء الر ... سل كالورد في رباه البواسم

وخذوه من وسادهم في المصلى ... رقعة كفنوا بها فرع هاشم

واستعيروا لنعشه من ذرى المنبر ... عوداً ومن شريف القوائم

واحملوه على البراق إن اسطعتم ... فقد جل عن ظهور الرواسم

على أن أروع ما انطوت عليه تلك القصيدة حديثه عن واقع المسلمين تحت أوزار الاستعمار، وما خبره من مغامرة المرثي في نصرة هؤلاء الأراقم:

قم تحدث أبا علي إلينا ... كيف غامرت في جوار الأرقم

كلنا وارد السرّاب، وكل ... حمل في وليمة الذئب طاعم

قد رجونا من الغنائم حظاً ... ووردنا الوغى فكنا الغنائم

وأكثر ما يتجلى هذا التطور في قصائده التي يسجل بها كفاح دمشق وسورية في طلب الحرية، ومن أشهر شعره الجديد قصيدتاه عن دمشق (سلام من صبا بردى..) و (قم ناج جلق. .) وفي كليتيهما يقف شوقي موقف المؤرخ الواصف الناصح المحرض:

<<  <   >  >>