للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد ذكر البخاري شيئا من قصة أنس بن النضر في أحد فقد روى في صحيحه١ أن أنس بن النضر غاب عن بدر فقال: "غبت عن أول قتال النبي صلى الله عليه وسلم لئن أشهدني الله مع النبي صلى الله عليه وسلم لَيَرَيَنَّ الله ما أُجِدُّ، فلقي يوم أحد فهزم الناس فقال: اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء ـ يعني المسلمين ـ وأبرأ إليك مما جاء به المشركون، فتقدم بسيفه فلقي سعد بن معاذ فقال: أين سعدُ؟ إني أجد ريح الجنة دون أحد، فمضى فقتل، فما عرف حتى عرفته أخته الرُّبَيِّع بنت النضر بشامة أو ببنانه، وبه بضع وثمانون: من طعنة وضربة ورمية بسهم".

وبعد المعركة أرسل النبي صلى الله عليه وسلم زيد بن ثابت بعد المعركة يتفقد أنس بن النضر، فوجده بين القتلى وبه رمق فما كان منه بعد أن رد على سلام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن قال: “أجدني أجد ريح الجنة، وقل لقومي من الأنصار: لا عذر لكم عند الله أن يخلص إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيكم شفرٌ٢ يطرف، وفاضت عينه"٣.

فما أروعها من وصية وما أقواه من التزام لا يؤثر فيه الموت وآلام الجراحات٤.

قال أنس كنا نرى أو نظن أن هذه الآية نزلت فيه وفي أشباهه: {مِنَ


١ فتح الباري ٧/٣٥٤ ـ ٣٥٥، ورواها ابن عبد البر في الاستيعاب: ١/٧٠-٧١، وابن الأثير في أسد الغابة: ١/١٥٥.
٢ الشُّفْر: بالضم وقد يفتح: جرف جفن العين الذي ينبت عليه الشعر (ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث: ٢/٤٨٤) .
٣ أد. أكرم ضياء العمري، السيرة النبوية الصحيحة: ٢/٣٨٦) .
٤ رواه ابن إسحاق بإسناد رجاله ثقات (أد. أكرم ضياء العمري، السيرة النبوية الصحيحة: ٢/٣٨٦) .

<<  <   >  >>