فضلا عن إثبات هذه القضية التي تحدثنا بهجرة إسماعيل بن إبراهيم إلى مكة، ونشأة العرب المستعربين فيها. ونحن مضطرون إلى أن نرى في هذه القصة نوعا من الحيلة في إثبات الصلة بين اليهود والعرب من جهة وبين الإسلام واليهود والقرآن والتوراة من جهة أخرى"١.
هكذا يفجِّر طه حسين قذيفة الكفر الرهيبة المدمرة هذه دون أن يبالي أي قدر من الخسائر تسببه لضمير الأمة المسلمة وإحساسها المرهف نحو دينها وعقيدتها..! تكذيب صريح القرآن الكريم، وادعاء فاجر بأنه ليس مصدرا تاريخا موثوقا به {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً} .
والغريب أن هذا الكفر كان يراد له أن يدرس في كلية الآداب بالجامعة المصرية! لولا أن أراد الله أن تموت الفتنة في مهدها ويفصل رأس الكفر من الجامعة.
_ ٢ _
في مؤتمر المستشرقين السابع عشر بجامعة أكسفورد (سبتمبر ١٩٢٨م) ألقى طه حسين بحثا عنوانه (استخدام ضمير الغائب في القرآن) .
وقد ارتأى فيه: أن تأويل ضمير الغائب في معظم آيات القرآن باسم الإشارة فيه حلّ لمشكلة عدم المطابقة بين الضمير وما يرجع إليه. وزعم أنه بهذا الرأي يصحح ما يراه بعض المستشرقين من أن في القرآن خطأ نحويا - حاشا لله - إذ يرون الضمير قد رجع إلى متأخر، أو رجع إلى محذوف مفسّر بما يدل عليه من بعض الوجوه. وقد وصف الرافعي رحمه الله طريقة استبدال اسم الإشارة بضمير الغائب بأنها "بيع الذهب بالملح"! إشارة إلى أن رأي طه حسين الذي نقله عن أسياده المستشرقين بلا فهم وبلا علم إنما هو رأي ساقط بليد تافه، لا تقاس قيمته إلا بقيمة الملح إذا قورن بالذهب في نفاسته.
ويعقب الرافعي قائلا: "وكأنه أخذ تلك القاعدة من ذلك الكتاب الذي عثر به في خرائب روما، فرآه مكتوبا قبل الإسلام بمائة سنة، وفيه آراء في الشعر الجاهلي، وفيه قواعد نحوية ضابطة محكمة لا يشذ عنها إلا شاذ،
١ طه حسين: في الشعر الجاهلي ص٢٦. وقد أثار هذا الكتاب سخط جميع أفراد الأمة على مؤلفه، وطرد بسببه من الجامعة، وما أغنى عنه شيئا إن عاد فاعترف بأنه مؤمن بالله ورسوله وملائكته وكتبه واليوم الآخر، لأنه إيمان على طريقة فرعون، ولذا رد عليه الشيخ الأزهري عبد ربه مفتاح بمقال عنوانه: الآن وقد عصيت قبل؟؟ انظر صحيفة الأهرام القاهرية الصادرة في ١٢ مايو ١٩٢٦م.