للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جراء كلمة، وانظر إلى أحكم الخلق محمد - صلى الله عليه وسلم - إذ قال لعائشة رضي الله عنها: "لولا أن قومك حديث عهد بكفر لبنيت الكعبة على قواعد إبراهيم، ولجعلت لها بابين باب يدخل منه الناس وباب يخرجون منه (١) ، لكنه - صلى الله عليه وسلم - ترك بناء الكعبة مع أنه خير خوفاً من الفتنة، خوفاً مما يترتب عليه لو أنه فعل.

نرتقي إلى أعظم من ذلك، فمثلاً لو قام رجل يسب آلهة المشركين ويقدح فيها، وسب آلهة المشركين خير لا شك، لكن إن كان سب آلهة المشركين يؤدي إلى سب الله عز وجل صار شراً، فهو خير لكن لما كان يؤدي إلى شر مُنع، قال الله تعالى: (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ) (٢) . إذن: فالميزان أنه لا بد أن ينظر الإنسان بين المصالح والمفاسد قد يكون الشيء مصلحة في ذاته لكن يكون مفسدة في غيره، وحينئذٍ يجب علينا الكف ونجعل للكلام

وقتاً آخر يكون الكلام فيه مثمراً، ويكون الكلام فيه خيراً.

هذه هي الحقيقة الثالثة التي يجب علينا أن نعقلها وأن نكون أمة واحدة ملتفين حول الحق أينما كان، وعلينا أيضاً في إطار هذه الحقيقة أن نتبصر وأن نقارن بين المصالح والمفاسد، وأن نقارن بين البدايات


(١) رواه البخاري/كتاب العلم/باب من ترك بعض الاختيار مخافة أن يقصر فهم البعض (١٢٣) .
(٢) سورة الأنعام، الآية: ١٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>