للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله تعالى: (مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا) أي: من قبل أن نبرأ هذه الخليقة، وذلك كما ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "أن الله تعالى كتب مقادير كل شيء قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة" (١) .

إذا علمنا أن هذه المصيبة بتقدير الله فإنه يترتب على هذا العلم شيئان:

الشيء الأول: أن نرضى بهذه المصيبة؛ لأنها بتقدير الله، وكل ما قدره الله فإن الواجب على المؤمن أن يرضى به.

ولا يتم الرضاء بالله رباً إلا بالرضاء بقضائه وقدره، فحينئذٍ نرضى بهذه المصيبة، ونسلم ونطمئن؛ لأنها من قضاء الله تعالى وقدره، قال علقمة- رحمه الله- وهو من أكابر أصحاب عبد الله بن

مسعود- رضي الله عنه- في قوله تعالى: () مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ) (٢) قال: هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلّم.

الشيء الثاني مما يترتب على هذا: أن نعلم أن الله تعالى لم يقدر هذه المصيبة إلا لحكمة؛ لأنه ما من شيء قدره الله إلا وله حكمة بالغة، قد نعلمها وقد لا نعلمها، ولكننا قد علمنا شيئاً من الحكمة فيما قدره الله


(١) رواه مسلم/كتاب القدر/باب حجاج آدم موسى برقم (٤٧٩٧) .
(٢) سورة التغابن الآية: ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>