بكلمة إلا بإذن الله، «إذا لحق الناس من الكرب والهم والغم ما الله به عليم ذهبوا إلى آدم يسألونه أن يشفع إلى الله ليريحهم من الموقف فيعتذر، ثم إلى نوح، ثم إلى إبراهيم، ثم إلى موسى، ثم إلى عيسى حتى تصل إلى النبي- عليه الصلاة والسلام -»(١) ولكنها إذا وصلت إليه لا يمكن أن يشفع إلا بعد إذن الرب- عز وجل- بعد إذن الرب الذي هو ملك الملوك والذي سلطانه لا نظير له ولا مداني له {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} .
(من) اسم استفهام بمعنى النفي، والاستفهام إذا جاء بمعنى النفي كان أعظم وأبلغ لأنه يكون مشربا بالتحدي فإن قولك: ولا يشفع أحد نفي بـ لا لكن قوله: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ} أبلغ في التحدي وامتناع هذا الأمر، فإذا لا يمكن أن يشفع لا رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولا غيره من الخلق إلا بعد إذن ملك الملوك ذي السلطان الأعظم وهو الله تبارك وتعالى. فإذا كان كذلك فلا وجه لكونك تتجه إلى قبر الرسول- عليه الصلاة والسلام- ليكون وسيلة لك أن يقبل دعاءك اتجه إلى بيت الله- عز وجل- فهو أقرب وسيلة.
في هذا البلد الطيب الذي كان هذا المسجد مسجد قباء لما بني مسجد الضرار حوله نهى الله نبيه أن يقوم فيه لأنه يراد به التفريق بين المؤمنين والمضارة لهذا المسجد الذي أسس على التقوى، والتفريق والإرصاد لمن حارب الله ورسوله فإذًا نقول: كل شيء يضاد ما جاء به الرسول- عليه الصلاة والسلام- فإنه يشبه مسجد الضرار بل إن مضارة المزاحمة في القلوب أشد من
(١) البخاري: كتاب التوحيد: باب كلام الله تعالى مع الأنبياء يوم القيامة، ومسلم: كتاب الإيمان: باب أدنى أهل الجنة منزلاً.