للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: «لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة» ، فالرضى ثابت بالقرآن، وانتفاء دخول النار ثبت بالسنة.

وقوله النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة» ، قد يقول قائل: كيف نجمع بينه وبين قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا} [مريم: ٧١] ؟

فالجمع من أحد وجهين:

الأول: أن يقال: إن المفسرين اختلفوا في المراد بالورود، فقال بعضهم: هو المرور على الصراط، لأن هذا نوع ورود بلا شك، كما في قوله تعالى: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ} [القصص: ٢٣] ، ومعلوم أنه لم ينزل وسط الماء، بل كان حوله وقريبا منه، وبناء على هذا، لا إشكال ولا تعارض أصلا.

والوجه الثاني: أن من المفسرين من يقول: المراد بالورود الدخول، وأنه ما من إنسان إلا ويدخل النار، وبناء على هذا القول، فيحمل قوله: «لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة» . لا يدخلها دخول عذاب وإهانة، وإنما يدخلها تنفيذا للقسم: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} ، أو يقال: إن هذا من باب العام المخصوص بأهل بيعة الرضوان.

وقوله: " الشجرة ": الشجرة هذه شجرة سدر، وقيل: شجرة سمر، ولا طائل تحت هذا الخلاف، كانت ذات ظل، فجلس النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تحتها يبايع الناس، وكانت موجودة في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام وعهد أبي بكر رضي الله عنه وأول خلافه عمر، فلما قيل له: إن الناس يختلفون إليها - أي: يأتونها - يصلون عندها، أمر رضي الله عنه بقطعها، فقطعت.

<<  <  ج: ص:  >  >>