من الناصر أن يرسل معه العساكر ليملكها فأجابه وخرج في العساكر سنة إحدى وتسعين، وحارب أهل خوزستان فملك أوّلا مدينة تستر ثم ملك سائر الحصون والقلاع وأخذ بني شملة ملوكها فبعث بهم إلى بغداد، وولّى الناصر على خوزستان طاش تكين مجير الدين أمير الحاج. ثم سار الوزير إلى جهات الريّ سنة إحدى وتسعين، وجاءه قطلغ ابنايخ بن البهلوان وقد غلبه خوارزم شاه وهزمه عند زنجان، وملك الريّ من يده. وجاء قطلغ إلى الوزير مؤيد ورحل معه إلى همذان وبها ابن خوارزم شاه في العساكر فأجفل عنها إلى الريّ، وملك الوزير همذان ورحل في اتباعهم وملك كل بلد مرّوا بها إلى الري، وأجفل عسكر خوارزم إلى دامغان وبسطام وجرجان.
ورجع الوزير إلى الريّ فأقام بها. ثم انتقض قطلغ بن البهلوان وطمع في الملك فامتنع بالريّ وحاصره الوزير فخرج عنها إلى مدينة آوه فمنعهم الوزير منها ورحل الوزير في أثرهم من الريّ إلى همذان، وبلغه أنّ قطلغ قصد مدينة الكرج فسار إليه وقاتله وهزمه، ورجع إلى همذان فجاءه رسول خوارزم شاه محمد تكش بالنكير على الوزير في أخذ البلاد، ويطلب إعادتها فلم يجبه الوزير إلى ذلك، فسار خوارزم شاه إلى همذان وقد توفي الوزير ابن القصّاب خلال ذلك في شعبان سنة اثنتين وتسعين، فقاتل العساكر التي كانت معه بهمذان وهزمهم، وملك همذان وترك ولده بأصبهان، وكانوا يبغضون الخوارزميّة فبعث صدر الدين الخجنديّ رئيس الشافعيّة إلى الديوان ببغداد يستدعي العساكر لملكها، فجهّز الناصر العساكر مع سيف الدين طغرل يقطع بلد اللحف [١] من العراق، وسار فوصل أصبهان، ونزل ظاهر البلد وفارقها عسكر الخوارزميّة فملكها طغرل وأقام فيها الناصر وكان من مماليك البهلوان.
ولما رجع خوارزم شاه إلى خراسان، واجتمعوا واستولوا على الريّ وقدّموا عليهم كركجه من أعيانهم، وساروا إلى أصبهان فوجدوا بها عسكر الناصر وقد فارقها عسكر الخوارزميّة فملكوا أصبهان، وبعث كركجه إلى بغداد بالطاعة، وأن يكون له الريّ وساوة وقمّ وقاشان. ويكون للناصر أصبهان وهمذان وزنجان وقزوين فكتب له بما طلب وقوي أمره. ثم وصل إلى بغداد أبو الهيجاء السمين من أكابر أمراء بني أيوب وكان في إقطاعه بيت المقدس وأعماله، فلما ملك العزيز والعادل مدينة دمشق من الأفضل بن صلاح الدين عزلوا أبا الهيجاء عن القدس، فسار إلى بغداد فأكرمه
[١] هي بلدة تقع على حدود فارس وقد مرّ ذكرها معنا من قبل.