للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عشرة أيام فقط من صدور البيان المذكور.

أما بالنسبة للنقطة الثانية، فإن القيادة العسكرية، في الجزائر، قد شرعت منذ اليوم التاسع عشر من شهر جانفي، في تنظيم عمليات واسعة النطاق استهلتها بقنابل مكثفة لجبال الأوراس، ثم أَلقت بآلاف الجنود المزودين بجميع أنواع الأسلحة لتمشيط المنطقة، وسمي ذلك بعملية "فيرونيك" تشبيهاً بحركة القديسة التي تحمل نفس الاسم عندما مسحت وجه المسيح. والمقصود من ذلك التشبيه أن الجيوش الفرنسية تلقت الأمر "بتفتيش المنطقة شبراً شبراً حتى لا يبقى فيها متمرد واحد" (١).

لقد نسي الاستعمار مقولة ماوتسي تونغ الشهيرة: "أن الثورة أسماك مياهها الجماهير الشعبية" (٢).

ومما تجدر الإشارة إليه أن السيد ليونار هو الذي أشرف على انطلاق عملية فيرونيك التي ستتبعها في اليوم الثالث والعشرين من نفس الشهر عملية "فيوليت" الموجهة لتطهير الجبال المحيطة بمدينة بسكرة والممتدة على حوالي مائتين وخمسين كيلو متراً مربعاً". (٣)

إن هزيمة مانديس فرانس، التي كانت أكبر دليل على قدرة الكولون وسعة سلطانهم، قد أغرقت فرنسا في أزمة سياسية تركتها بدون حكومة مدة تسعة عشر يوماً، ظهرت خلالها عدة محاولات فاشلة قامت بها شخصيات ذات انتماءات سياسية وعقائدية مختلفة. ويبدو أن الملل، من جهة، واطمئنان المعمرين على مصالحهم الخاصة، من جهة ثانية، هما اللذان سمحا للسيد ادقار فور أن يفوز بالثقة التي مكنته من تشكيل حكومته يوم ٢٤ فيفري ١٩٥٥م.

ولا يمكن أن تكون مجرد صدفة تلك التي جعلت سوستيل الوالي العام الجديد، يعلن، بنفس التاريخ، إن فرنسا لن تتخلى عن الجزائر، إلا كما تتخلى عن مقاطعة بريتاني (٤).

وليس ذلك فقط هو الدليل الوحيد على انتصار الطغمة الاستعمارية، بل إن


(١) Courriére (Yves) . Les Fils de la toussaint, Fayard Paris ١٩٦٨.P٥٥٠ ..
(٢) Documents chinois, Troisiéme session de la٦éme assemblée de la république populaire de chine, Beying ١٩٨٥.p٧٧.
(٣) - إيفكوربار، ص ٥٥١.
(٤) - انظر عدد -"صدى الجزائر" الصادر بتاريخ ٢٤ فبراير ١٩٥٥، أما مقاطعة بريطانيا فهي منطقة مكونة من أربع ولايات تقع غرب فرنسا كانت دولةمستقلة انضمت إلى فرنسا في عهد فرانسوا الأول سنة ١٥٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>