للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حملة رسالة الإسلام الأول من العرب كانوا بدورهم يؤمنون بأن دينهم لا يفرق بين عربي وعجمي، ولا بين أبيض وأسود إلا بالتقوى، من هناك شاع التزاوج بين العرب والبربر، وابتدأ منذ الفتح، وظل يتسع نطاقه حتى يوم الناس هذا، وقد مضى أربعة عشر قرنا على هذا التلقيح، لا يقف في طريقه واقف.

[لا بربر في المغرب العربي]

ولا يزال أهل المغرب العربي حتى اليوم، يسمون الأشراف، ذوي النسب المحمدي مرابطين، وكانوا قبل الحركة الإصلاحية للدين - وسنتحدث عنها في المستقبل - يجعلون لأولئك المرابطين منزلة ممتازة، قد يغلون فيها حتى يعطوهم ما لا يليق إلا لله أو لرسوله، ثم أحب البربر اللغة العربية، حب تقديس، لأنها في نظرهم لغة السماء ولسان الخالق، الذي خاطب به عباده والذي يناجونه به في كل صباح ومساء يرجون رحمته، ويخشمون عذابه، لذلك ما تعب العرب الأولون في نشر العربية بينهم، بل كان البربر هم الساعين إلى حفظها والمسارعين إلى تعميمها، حتى أصبحت بعد قليل أو كثير هي وحدها اللغة الرسمية، وأنها لغة الدولة والشعب معا، ولم يكن لها أي شريك يزاحمها، ثم كانت هجرة بني هلال وبني سالم، الجماعية أيام الفاطميين في مصر، هي الموجة الكبرى، التي عم فيها التعريب في الجزائر خاصة، وفي بلاد المغرب عامة، حتى أن بعض المؤرخين يقولون بهذا الصدد ردا على من كان يسمى ببني هلال مخربين، إنما كانوا معربين ولم يكونوا مخربين. وهذا حق لا مرية فيه. والخلاصة في أمر سكان المغرب العربي أنهم قد أصبحوا اليوم بحكم الدين واللغة والإختلاط العنصري. مسلمين عربا. ولا شيء سوى ذلك. وليس هنالك أي جماعة تسمى نفسها بربرا وتطالب بوضع خاص. أو حقوق معينة. كأقلية. أو أكثرية. أو ما أشبه ذلك. أما هذه الضجه التي يسمعها الناس من بعيد، عن البربر وعن الظهير البربري مثلا. فإنما هي من صنع المستعمرين وخبثهم

<<  <   >  >>