للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أربع ركعات عند زوال الشَّمس. فسألته عن ذلك. فقال: "يا إنّ أيوب إنّ أبوابَ الجنَّةِ تفتح عند زوال الشَّمسِ، فأحبّ أنّ يصعد لي في تلك السّاعة خير" قال: قلت: يا رسول الله، نفصلُ بينها بسلام أو كلام؟ قال: "لا" (١).

ذكر الفوائد المتعلِّقة بهذا الحديث:

وهي أربع عشرة فائدة:

الفائدة الأولى:

رُوِيَ أنّه صلَّى بالاتِّفاقِ (٢) لا بالقَصْدِ. وقد اخْتُلِفَ في حديث أمِّ هانئ، فرُوِيَ أنّ ذلك كان في بيتها، ورُوِيَ أنّها قالت: جئت رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - وهو بالأبطَح يغتسل في قُبَّهٍ له، وابنته فاطمة تستره، فعاجلتُهُ بالكلام قبل أنّ يكمل غسلَهُ، وكلَّمَهَا النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - في تلك الحالة (٣). وإذا كان الرَّجُلُ على حاجةٍ لايتكَلَّم ولا يُكَلَّم. وإذا كان في غسلهِ ووضوئه، فقد رُوِيَ أنّ الافضلَ ألَّا يتكلَّم. وحديث أم هانئ أصَحّ.

الفائدة الثّانية (٤):

فيه من الفقه: الاغتسال بالعَرَاء إلى سُتْرَةٍ؛ لأنّ اغتسالَهُ ذلك كان منه وهو بالأبطَح، وفيه كان نزوله يومئذٍ.

الفائدة الثّالثة:

قوله (٥): "مَنْ هَذهِ؟ فقالت: أم هانئ. فقصَّتْ عليه القِصَّة، فقال لها رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: قد أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أمَّ هَانِيء" اختلف العلماء في أمان المرأة، وفي هذا ردٌّ على أشهب، وذلك أنّه يرى إجارة المرأة المشرك لا تجوز، إلَّا أنّ يجيزها الإمام، وجوّزها ابن القاسم. وأمّا الأيمّة قال بعضهم (٦): هذا دليلٌ على جواز أَمَانِ المرأة، وأنّها إذا أَمَّنَتْ مَنْ أَمَّنَتْ حرمَ قَتْلُه وحُقِنَ دَمُهُ، وأنّها لا فرقَ بينها وبين الرَّجُل


(١) أخرجه مطولًا ابن المبارك في الزّهد (١٢٩٧).
(٢) لأنّه يحتمل أنّ تكون صلاته تلك صلّاها لمّا اغتسل وجدَّدَ طهارته، لا لقصده للوقت.
(٣) أخرج نحوه مالكٌ في الموطَّأ (٤١٦) رواية يحيى.
(٤) هذه الفائدة مقتبسة من الاستذكار: ٦/ ١٣٦.
(٥) في حديث الموطّا (٤١٦) رواية يحيى.
(٦) المقصود هو ابن عبد البرّ، والكلام التالي إلى آخر المسألة مقتبسٌ من الاستذكار: ٦/ ١٤٠ - ١٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>