للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في أوّل الإسلام التّمر كما قالت عائشة رضي الله عنها: "كان يمرُّ بآلِ محمدٍ الشهرُ والشهرانِ ما يُوقَدُ في بيتِ أحدهم نارًا، إنّما طعامُهُم الأسودان: التَّمرُ والماءُ" (١).

الخامسة (٢):

قول أبي طلحة: "فَهَل عِنْدَكِ مِنْ شَيْءٍ؟ " على وجه التماس ما يهديه إلى النّبيّ عليه السّلام ليمسك به رمقه ويقوِّي بعض ضعفه، وهذا يدّل على قلَّةِ ما كان عند أبي طلحة من ذلك، ولو كان عنده كثير القوت لما احتاج أنّ يسالها، هل عندها شيءٍ أم لا؟ هذا على أنّه كان أكثر الأنصار مالًا ونخلًا، ويقتضي ذلك أنّها كانت سنة شدّة شاملة، فقالت أمّ سليم: نعم، وأخرجت أقراصًا من شعيرٍ، وذلك أفضل ما كان عندهم؛ لأنّ ويستدَلُّ على هذا بأنّها كانت لا ترسل إلى النبيّ - صلّى الله عليه وسلم - إِلَّا أفضل ما كان عندها؛ لأنّ العرب كانت تتفاخر بحسْن القِرَى وسَعتِهِ، وأرسلت بها إلى المسجد حيث كان النَّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - وبحضرة النَّاس، ولم تكن لترْسِل إلّا بما تُمدَح به دون ما تُذمّ به، وقد تناولت ذلك بأفضل ما أمكنها، بأن لَفَّتْ أقراص الشعير بخمارها. وقال مالك بن دينار: أراه كان من صوف أو كتّان، ولم يكن من حريرٍ، والله أعلمُ.

السّادسة (٣):

قوله: "فَوَجَدْتُ رَسُولَ الله - صلّى الله عليه وسلم - جَالِسًا في الْمَسْجِدِ وَمَعَهُ النَّاسُ" يقتضي أنّها خصَّتْهُ بهذه الهديّة دون أنّ ترسلها إلى دارٍ من دُورِ نسائه.

ويحتمل أنّ يكون ذلك لما علمت من شمول المجاعة لجميع أزواجه، فوصل


(١) أخرجه أحمد: ٦/ ٥٠، وأبو الشّيخ في أخلاق النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - وآدابه (٨٧٥)، وروي من طريق آخر عند أحمد: ٦/ ٧١، وأبي الشّيخ (٨٥٨)، ويشهد له ما رواه ابن سعد في الطبقات: ١/ ٤٠١، وأحمد: ٢/ ٤٠٤ من حديث أبي هريرة بنحوه، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد: ١٠/ ٣١٥ وقال: "رواه أحمد وإسناده حسن".
(٢) هذه الفائدةُ مقتبسة من المنتقى: ٧/ ٢٣٩.
(٣) هذه الفائدةُ مقتبسة من المنتقى: ٧/ ٢٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>