ليس محمَّد - صلى الله عليه وسلم - فقط بل أي مسلم .. عندما يتقدم للعالم بمشروعه الحضاري .. عندما يضع نفسه خلف مشروعه لا أمامه .. عندها فقط تجد كل شيء يحبه ويخافه .. تجده يبدع يتوهج .. يعيد صياغة العالم بأحرف نقية وجديدة ..
أما إذا رأيت خللًا في مشروع إسلامي ففتش عمن وضع نفسه أمام ذلك المشروع لا خلفه .. عندها تتهاوى أمام عينيك القيم والمبادئ والثوابت وينتهي بك المشهد إلى أكوام يستحيل معها الإبداع والإقناع .. لم يكن الصحابة يقدمون للعالم أنفسهم وأهواءهم كانوا يقدمون كتاب الله وسنة رسوله .. كانوا يضعون أخطاءهم ضمن أرصدتهم لا ضمن أرصدة الإِسلام .. وهو ما قفز بهم في فترة قياسية إلى حدود فارس والروم .. أما قريش ذلك الخصم الذي كان يحتقرهم ويطلق عليهم ألقابًا لا تليق إلا بالمجانين وقطاع الطرق .. قريش اليوم دون طرق دون معنويات .. فالمعنويات والانتصارات والمساحات لمحمد وأتباع محمَّد - صلى الله عليه وسلم - .. ولم يبق لقريش سوى شرف الحج وقد تحول إلى موسم يسخر من قريش وأصنامها وعنادها .. قريش اليوم مكبلة بعهد مع خصمها محمَّد .. ومحاطة بمناطق يملكها خصمها محمَّد .. ومخنوقة بإنجازات يصنعها خصمها محمَّد .. فما الذي بقي لقريش سوى مكة الحزينة والأصنام التي بدأت بالتآكل .. وهو في الحقيقة ليس خصمًا لها بل هي التي تصر على خصومته وها هو المجد الذي وعدها به يرف على أرض فارس والروم ولكنه للمؤمنين به أما قريش فقد أعماها رمد التحديق بهبل وبقية الأخشاب والأحجار الجاثمة على أنفاسها وعقولها كما أعمى سيد اليمامة الذي لم يكتف بالوثنية والشرك بل أقدم على شيء خطير يؤكد به كرهه لهذا النبي ودينه: