للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(جئت رسول الله -صلى الله عليه وسلم -وهو ببقيع الغرقد (١) ... قد تبع جنازة رجل من أصحابه وعليه شملتان (٢) وهو جالس في أصحابه .. فسلمت عليه، ثم استدبرته أنظر إلى ظهره، هل أرى الخاتم الذي وصف لي صاجي. فلما رآني رسول الله -صلى الله عليه وسلم - استدبرته عرف أني أستثبت في شيء وصف لي، فألقى رداءه عن ظهره، فنظرت إلى الخاتم (٣) فعرفته، فأكببت عليه أقبله وأبكي، فقال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: "تحول" .. فتحولت بين يديه، فقصصت عليه حديثى) (٤) إذًا فهذا المسكين يبحث عن نبي وقد وجده .. لكن من هو صاحبه وما هي قصته وما هو حديثه ... ؟

مرة أخرى سأترككم معه يحدثكم كما حدث رسول الله -صلى الله عليه وسلم - حديثًا مبللًا بالدموع والشقاء والدلال .. حديثا طويلًا يقول فيه:

(كنت رجلًا فارسيًا من أهل أصبهان .. من أهل قرية يقال لها جيء .. - وكان أبي دهقان (٥) قريته .. وكنت أحب خلق الله إليه .. فلم يزل حبه إياي حتى حبسني في بيته كما تحبس الجارية -أي ملازم النار- واجتهدت في المجوسية (٦) حتى كنت قطن (٧) النار الذي يوقدها لا يتركها


(١) بقيع الغرقد: هو مقبرة المدينة.
(٢) الشملة: كساء يتلفف به المرء
(٣) خاتم النبوة.
(٤) سنده صحيح. رواه ابن إسحاق (سيرة ابن كثير١/ ٢٩٦) ومن طريقه رواه أحمد (٥/ ٤٤١) فقال: حدثني عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري، عن محمود بن لبيد، عن عبد الله بن عباس قال: حدثني سلمان الفارسي -من فيه- قال: كنت رجلًا فارسيًا .... وهذه السلسلة من الرجال كالذهب، عاصم بن عمر بن قتادة وهو تابعى ثقة وإمام في المغازي والبقية من الصحابة رضي الله عنهم. انظر التقريب (١/ ٣٨٥).
(٥) الدهقان: هو رئيس القرية أو التاجر.
(٦) المجوسية: دين يعبد أهله النار.
(٧) أي خازن النار والمعتنى بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>