للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يشاهدها ويشاهد فجيعتها على ظهر البعير .. يقول رضي الله عنه: (فبينا أنا في النظارين، إذ جاءت عمتي بأبي وخالي) عادلتهما على ناضح، فدخلت بهما المدينة لتدفنهما في مقابرنا، إذ لحق رجل ينادي:

ألا إن النبي - صلى الله عليه وسلم - يأمركم أن ترجعوا بالقتلى فتدفنوها في مصارعها حيث قتلت، فرجعنا بهما) (١) إلى أُحد حيث كان - صلى الله عليه وسلم - يشرف على تكفين الشهداء استعدادًا لدفنهم .. وعاد من حَمَل قتيله بقتيله من المدينة .. ووصل جابر وعمتّه وربما بعض أخواته المسكينات .. وترجّل الفارسان عن البعير .. فانهمرت دموع جابر على وجه والده الحنون .. وتعالى نشيجه وحرقته عليه .. فرآه الصحابة .. فنهوه عن ذلك .. بينما كان - صلى الله عليه وسلم - شاخصًا إلى هذا الكرب .. متألمًا ومبشرًا .. يقول جابر الحزين رضي الله عنه: (لما قتل أبي يوم أحُد، جعلت أكشف عن وجهه وأبكي، وجعل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهوني وهو لا ينهاني، وجعلت عمتي فاطمة تبكيه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:

تبكيه، أو لا تبكيه، مازالت الملائكة تظلّله بأجنحتها حتى رفعتموه) (٢)، هذه هى البشرى الأولى .. أما الثانية فهي في طريقها من السماء إلى هذا الراقد بسلام.


(١) سنده صحيح رواه أحمد (٣/ ٣٩٧) وأبو داود والنسائيُّ مختصرًا: حدثنا أبو عوانة وشعبة وسفيان كلهم عن: الأسود بن قيس عن نبيح العنزى عن جابر.
فالأسود بن قيس تابعي ثقة من رجال الشيخين (التقريب- ١/ ٧٦) وشيخه ثقة وقد أخطأ الحافظ رحمه الله عندما قال في التقريب إنه: (مقبول) فهو ثقة وإن لم يعرفه الحافظ ابن المديني رحمه الله فقد عرفة أبو زرعة فقال: ثقة، والعجليّ فقال: ثقة، وصحح حديثه كل من ابن خزيمة والترمذيُّ، وابن حبان، والحاكم انظر الجرح والتعديل (٨/ ٥٠٨) والتقريب (٢/ ٢٩٧) والتهذيب (١٠/ ٤١٧).
(٢) حديث صحيح رواه البخاري (١٢٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>